في مشهد يعكس التحولات المفصلية التي تعيشها سوريا،
تسعى الإدارة الجديدة بقيادة أحمد الشرع إلى رسم ملامح مرحلة جديدة بعد سنوات من الصراع والأزمات.
في قلب هذه المرحلة، يبرز ملف إعادة بناء الجيش السوري كأحد أكبر التحديات التي تواجه الإدارة.
ليس فقط من ناحية الهيكلة العسكرية، بل أيضًا في إطار تحقيق توازن سياسي واجتماعي يعكس التنوع السوري.
الثقة والحوار الشامل.. أساس المرحلة الجديدة
تشكل الثقة بين القيادة الجديدة ومختلف مكونات المجتمع السوري نقطة محورية في الجهود الرامية لإعادة بناء الدولة.
القيادة الجديدة تظهر ثقة بالنفس، مشيرًا أن بوادر حرية الإعلام وإتاحة النقاش العلني حول القضايا الوطنية تمثل تطورًا هامًا.
اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الشامل، التي تضم أكاديميين بارزين من مختلف التوجهات،
تعكس جدية القيادة في إشراك الجميع دون إقصاء.
ورغم التفاؤل الحذر الذي يحيط بمساعي القيادة الجديدة في سوريا، تواجه المرحلة الراهنة تحديات كبيرة ومعوقات متعددة.
يتطلب التعامل مع التعددية الاجتماعية والطائفية رؤية متماسكة ومقاربة شفافة،
خصوصًا مع اقتراب انعقاد المؤتمر الوطني الشامل.
في هذا السياق، تشير التحليلات أن تجاهل الانتقادات الدولية قد يؤدي إلى إضعاف مصداقية هذه الجهود.
خاصة في ظل مخاوف من أن تستغل بعض الأطراف المرحلة الحالية لتحقيق مكاسب لصالح فئات معينة.
مما قد يؤثر على مبدأ التنوع الوطني، وتصريحات القيادة السورية الجديدة حول رفض المحاصصة والطائفية لاقت ترحيبًا واسعًا،
إلا أن التحدي الأكبر يكمن في ترجمة هذه التصريحات إلى سياسات عملية تُعزز الثقة بين جميع الأطراف.
دور الأكراد في المرحلة القادمة
الأكراد، الذين لعبوا دورًا محوريًا في محاربة الإرهاب ويُعتبرون جزءًا أساسيًا من المشهد السوري، يمكن أن يكون لهم دورًا بارزًا في صياغة مستقبل البلاد.
ينظر إلى الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، بتجربتها في إدارة المناطق متعددة المكونات،
كنموذج يحتذى به لتعزيز الحوار الوطني وبناء نظام سياسي قائم على احترام حقوق جميع المكونات.
التعاون بين الإدارة الذاتية والحكومة المركزية يُعتبر خطوة استراتيجية يمكن أن تسهم في تجاوز الكثير من التحديات، مع التأكيد على ضرورة الاعتراف بالحقوق القومية للأكراد كجزء من أي حل سياسي مستدام.
وتشير التوقعات، أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى صياغة عقد اجتماعي جديد يستند إلى احترام التنوع الاجتماعي والسياسي والثقافي في سوريا.
تأسيس نظام لا مركزي جغرافي قد يكون الحل الأنسب لضمان وحدة البلاد واستقرارها، مع تعزيز تماسك المجتمع وحماية حقوق جميع مكوناته.
واستمرار الحوار الوطني يعد الركيزة الأساسية للخروج من الأزمة، على أن يتم دعم هذه الجهود بخطوات عملية تعزز الثقة بين جميع الأطراف السورية.
ويرى المحلل السياسي سلمان الشيب، أن المرحلة الراهنة في سوريا تمثل لحظة حاسمة تتطلب رؤية واضحة واستراتيجيات دقيقة لتحقيق إصلاح شامل، خصوصًا في ظل التحديات المتعددة التي تواجه القيادة الجديدة.
ويشير الشيب – في تصريحات خاصة لملفات عربية-، أن أحد أبرز التحديات التي تواجه القيادة السورية هو بناء الثقة مع مختلف الأطراف المحلية والدولية، قائلاً: لا يمكن لأي مؤتمر وطني أن ينجح إذا لم يكن شاملاً وشفافاً، حيث يجب أن يتجنب تكرار أخطاء الماضي التي قامت على الإقصاء والتهميش.