ذات صلة

جمع

كسر شوكة الحوثي.. ما هي خارطة الطريق العسكرية لتحرير شمال اليمن؟

تمثل مسألة تحرير شمال اليمن من قبضة مليشيا الحوثي...

نهاية الخط الأحمر.. هل الاتحاد الأوروبي مستعد لتقبّل أوكرانيا في وضع ما بعد الحرب؟

يمثل انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي تحولًا جيوسياسيًا تاريخيًا،...

البرهان في قفص الاتهام.. كيف استهدف الجيش السوداني “الكنابي” في ولاية الجزيرة؟

مع توالي الشهادات الميدانية ومقاطع الفيديو المتداولة على وسائل...

صرخات من الحدود.. هل تستهدف إسرائيل إحداث تغيير ديموغرافي عبر الاعتقالات بجنوب سوريا؟

تحوّلت التوغلات الإسرائيلية بسوريا من عمليات أمنية عابرة إلى...

نهاية الخط الأحمر.. هل الاتحاد الأوروبي مستعد لتقبّل أوكرانيا في وضع ما بعد الحرب؟

يمثل انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي تحولًا جيوسياسيًا تاريخيًا، يتجاوز كونه مجرد توسع عادي للكتلة الأوروبية، فمنذ حصول كييف على صفة “مرشح” في عام 2022، تسارعت الخطوات السياسية في بروكسل نحو فتح باب التفاوض، خاصة بعد تأكيد مسؤولين أمريكيين مؤخرًا على أن روسيا قد تكون “منفتحة” على هذا الانضمام.

وقالت مصادر: إن الاندماج المحتمل لأوكرانيا، وهي دولة ذات حجم قاري، وتاريخيًا زراعية وصناعية كبرى، وتواجه أضرارًا بالغة جراء الحرب، سيُشكل تحديًا غير مسبوق للآليات الاقتصادية والمالية والسياسية للاتحاد، إنه يتطلب نهاية الخط الأحمر التقليدي للاتحاد، والاستعداد لإجراء إصلاحات داخلية جذرية لم يسبق لها مثيل.

أوكرانيا في مرحلة ما بعد الحرب

وأوضحت المصادر، أنه يجب على الاتحاد الأوروبي أن يتعامل مع حقيقة أن أوكرانيا التي ستنضم إليه لن تكون هي أوكرانيا قبل الحر، بل ستكون دولة مدمرة جزئيًا، لكنها أيضًا ذات خبرة عسكرية كبيرة وإرادة وطنية قوية.

كما أن تقديرات البنك الدولي تشير إلى أن تكلفة إعادة إعمار أوكرانيا قد تتجاوز مئات المليارات من اليورو السؤال هو، من سيدفع هذه الفاتورة؟

ومن المتوقع أن يقع العبء الأكبر على عاتق الاتحاد الأوروبي، و تمتلك أوكرانيا قطاعًا زراعيًا ضخمًا وخصبًا، ودمج هذا القطاع في السوق الأوروبية المشتركة، سيقلب موازين الدعم الزراعي ويشكل ضغطاً هائلاً على دول مثل فرنسا وبولندا، مما قد يثير معارضة شرسة داخل الكتلة.

وعلى الرغم من نزوح الملايين، فإن عملية إعادة البناء ستتطلب سوق عمل ضخمة، لكن التحدي يكمن في إدماج القوى العاملة الأوكرانية بعد الحرب ضمن لوائح الاتحاد الأوروبي ومعاييره.

ما هي التحديات الأمنية والسياسية؟

وترى المصادر، أنه من المرجح أن تنضم أوكرانيا قبل استعادة سيطرتها الكاملة على جميع أراضيها، مما يعني أن الاتحاد الأوروبي سيشترك في حدود متوترة وغير مستقرة، تحمل معها تحديات أمنية وعسكرية مستمرة ، وعلى الرغم من الإصلاحات التي تمت قبل وأثناء الحرب، فإن مكافحة الفساد في أوكرانيا ستظل تحديًا كبيرًا يتطلب مراقبة صارمة من بروكسل لضمان تطابق المعايير الأوروبية.

نهاية الخط الأحمر

وأشارت المصادر، أنه لا يمكن للاتحاد الأوروبي قبول أوكرانيا دون تغييرات جذرية في نظامه الداخلي. القواعد الحالية، المصممة لاستيعاب دول أصغر حجمًا، ستنهار تحت ثقل كييف وفي النظام الحالي، ستصبح أوكرانيا أكبر مستفيد من سياسة الدعم الزراعي وصناديق التماسك الخاصة بالتنمية الإقليمية.

كما يجب على الاتحاد الأوروبي الانتقال إلى تصويت الأغلبية المؤهلة في المزيد من القضايا مثل السياسة الخارجية وفرض العقوبات لضمان الفاعلية، لكن هذا الإصلاح سيواجه مقاومة من الدول الأعضاء الأصغر حجمًا التي ترى في حق الفيتو ورقتها الوحيدة لحماية مصالحها الوطنية.

وللتغلب على المشكلة، يجب على الدول الأعضاء الكبرى “ألمانيا وفرنسا بشكل أساسي” الاتفاق على زيادة كبيرة في ميزانية الاتحاد الأوروبي الإجمالية لتمويل أوكرانيا دون خفض حصص الدول الأعضاء الحالية، لكن هذا يتطلب إرادة سياسية لم تتبلور بعد.

يذكر، أنه في ظل وضع ما بعد الحرب، لا يمكن الحديث عن انضمام سريع حيث ترى المصادر أن عملية الانضمام قد تستغرق ما لا يقل عن 5 إلى 10 سنوات، بشرط تحقيق تقدم ملموس في ثلاث جبهات متوازية منها الإسراع في تنفيذ الإصلاحات القضائية ومكافحة الفساد وتهيئة القطاعات الزراعية والصناعية للامتثال لقوانين الاتحاد الأوروبي والوصول إلى شكل من أشكال التسوية أو الهدنة المستدامة التي تسمح بالتركيز على إعادة الإعمار والاستقرار الإداري و اتخاذ قرار سياسي حاسم بشأن الإصلاحات الداخلية للميزانية وآليات التصويت قبل انضمام أوكرانيا لضمان استمرار فاعلية الاتحاد الأوروبي.

واختتمت المصادر، أن انضمام أوكرانيا في وضع ما بعد الحرب هو بمثابة “نهاية الخط الأحمر” للتوسع الأوروبي، حيث لم يعد الأمر مجرد عملية تقنية، بل أصبح مشروعًا جيوسياسيًا يحدد هوية ومستقبل الاتحاد الأوروبي، وبروكسل أمام خيارين إما أن ترفض التحدي وتستمر في قواعدها القديمة، مما يعني تهميش أوكرانيا وتفاقم الفوضى على حدودها، أو أن تتبنى إصلاحات جذرية غير مريحة خاصة فيما يتعلق بالزراعة والتصويت لتستوعب أوكرانيا المدمرة والحيوية، وتؤكد بذلك دورها كقوة عظمى والاستعداد الحقيقي لا يتعلق بالترحيب بـ أوكرانيا، بل بالقدرة على تغيير الاتحاد الأوروبي نفسه ليناسب حجم التحدي.