ذات صلة

جمع

ساعة الحسم.. هل تعلن إدارة ترامب تصنيف “الإخوان” منظمة إرهابية الأسبوع المقبل؟

تعود قضية تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية إلى...

لعبة الاستبعاد.. هل يختار العراق حكومة “الاستقرار” أم “المواجهة”؟

بين دعوات إلى تشكيل حكومة “استقرار” قادرة على احتواء...

رسائل النار والسياسة.. كيف تُدار الحرب غير المعلنة بين دمشق وواشنطن؟

تعود العلاقة بين سوريا والولايات المتحدة إلى واجهة الأحداث،...

صراع الأساطيل الخفية.. هل يمتلك حزب الله مفاتيح “إغلاق” الموانئ الإسرائيلية؟

في خضم تصاعد التوتر الإقليمي وتعدد ساحات الاشتباك غير...

رسائل النار والسياسة.. كيف تُدار الحرب غير المعلنة بين دمشق وواشنطن؟

تعود العلاقة بين سوريا والولايات المتحدة إلى واجهة الأحداث، محمّلة برسائل ميدانية متناقضة، لكنها تلتقي على الأقل في الخطاب المعلن عند هدف واحد وهو محاربة تنظيم “داعش”، وبين تحركات عسكرية محسوبة، وتصريحات سياسية متباينة، تتشكل معادلة دقيقة تعكس طبيعة الصراع المستمر منذ أكثر من عقد، حيث تختلط أولويات مكافحة الإرهاب بحسابات النفوذ والاستقرار الإقليمي.

رسائل ميدانية متعددة الاتجاهات

وقالت مصادر: إنه على الأرض السورية، تظهر التحركات العسكرية الأميركية على شكل انتشار محدود في مناطق الشمال الشرقي، ودعم لقوات محلية حليفة، إلى جانب عمليات استخباراتية واستهدافات دقيقة ضد خلايا “داعش”، هذه التحركات تحمل رسالة واضحة مفادها أن واشنطن ما تزال تعتبر التنظيم تهديدًا عابرًا للحدود، وأنها غير مستعدة لترك فراغ أمني قد يسمح بعودته.

في المقابل، ترى دمشق في هذا الوجود العسكري انتهاكًا لسيادتها، وتتعامل معه كجزء من مشهد أوسع يرتبط بالضغط السياسي والعقوبات الاقتصادية.

وأكدت المصادر، أنه على الرغم من ذلك، تبرز مفارقة لافتة، فالدولة السورية تعلن هي الأخرى أن محاربة “داعش” تمثل أولوية وطنية، وأن الجيش السوري خاض معارك طويلة لاستعادة مناطق واسعة من سيطرة التنظيم.

تنظيم داعش الإرهابي كعدو مشترك… ولكن؟

وأوضحت المصادر، أنه رغم التباين الحاد في المواقف، يبقى تنظيم “داعش” نقطة التقاطع النادرة بين الطرفين، فالتنظيم، وإن فقد مساحات سيطرته الجغرافية، ما يزال يحتفظ بقدرة على شن هجمات متفرقة واستغلال الفراغات الأمنية، هذا الواقع يدفع جميع الأطراف، بما فيها الولايات المتحدة وسوريا، إلى التعامل مع الخطر ذاته، وإن بوسائل مختلفة ومن دون تنسيق مباشر و الولايات المتحدة تعتمد على شراكات محلية، وتكنولوجيا متقدمة، وضربات دقيقة، بينما تعتمد دمشق على العمليات البرية، والدعم من حلفائها، وإعادة بسط السيطرة الأمنية على المناطق المستعادة. والنتيجة هي حرب غير معلنة ضد عدو واحد، لكن ضمن مسارين منفصلين، بل ومتعارضين سياسيًا.

البعد الإقليمي والدولي

وترى المصادر، أنه لا يمكن فصل الرسائل الميدانية الأميركية في سوريا عن السياق الإقليمي الأوسع، فكل تحرك يحمل في طياته إشارات إلى قوى إقليمية فاعلة، وإلى توازنات دقيقة تتعلق بأمن الحدود، والطاقة، وخطوط النفوذ، كما أن الملف السوري ما يزال حاضرًا في الحسابات الدولية الكبرى، سواء من زاوية الاستقرار، أو من زاوية منع تمدد التنظيمات المتطرفة.

في هذا الإطار، يصبح “داعش” ليس فقط تهديدًا أمنيًا، بل ورقة سياسية تُستخدم لتبرير سياسات معينة أو لتثبيت مواقع نفوذ.
وهذا ما يفسر استمرار التناقض بين التصريحات التي تؤكد احترام وحدة سوريا، والممارسات التي تُفسَّر على الأرض بشكل مختلف.

إلى أين تتجه الرسائل؟

وتشير المعطيات -وفق المصادر-، أن الهدف المعلن ضد “داعش” سيبقى نقطة الالتقاء الوحيدة، من دون أن يعني ذلك تقاربًا سياسيًا حقيقيًا بين سوريا والولايات المتحدة، والأرجح أن المرحلة المقبلة ستشهد استمرار هذا التوازن الهش لا مواجهة مباشرة شاملة، ولا انسحاب كامل، بل إدارة للصراع عند مستويات محسوبة، مع إبقاء ملف “داعش” حاضرًا كعامل تبرير دائم وتعكس العلاقة بين سوريا والولايات المتحدة نموذجًا لصراع معقّد تتداخل فيه محاربة الإرهاب مع حسابات النفوذ والسيادة.

واختتمت المصادر، أنه رغم أن “داعش” يمثل العدو المشترك المعلن، فإن اختلاف الرؤى والأهداف يجعل من هذا التقاطع حالة استثنائية لا ترقى إلى مستوى الشراكة، وبين الرسائل الميدانية المتناقضة، يبقى المشهد السوري مفتوحًا على احتمالات متعددة، عنوانها الأبرز صراع مستمر بأدوات متغيرة وهدف واحد يُرفع في العلن، وتفسيرات مختلفة على الأرض.