ذات صلة

جمع

إصلاح أم ترقيع.. هل يرى المواطن الليبي نهاية لأزمة العملات الصعبة؟

تعيش ليبيا منذ سنوات واحدة من أعقد الأزمات المالية...

سلاح البيانات.. كواليس قاعدة البيانات التي تدين تنظيم الإخوان في السودان

في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها السودان منذ اندلاع...

تصنيف الإرهاب في الميزان.. ما هو مستقبل العلاقات العراقية–اللبنانية؟

تعيش العلاقات العراقية–اللبنانية مرحلة حساسة من تاريخها السياسي، بعد...

البندقية نحو صنعاء.. هل انتهى زمن التسويف وأصبح الهدف تحرير الشمال؟

تشهد الساحة اليمنية خلال الأسابيع الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في...

إصلاح أم ترقيع.. هل يرى المواطن الليبي نهاية لأزمة العملات الصعبة؟

تعيش ليبيا منذ سنوات واحدة من أعقد الأزمات المالية المرتبطة بسوق العملات الأجنبية، مع استمرار تفاوت سعر الصرف بين السوق الرسمية والسوق الموازية، وتكرار القرارات الحكومية التي تبدو للبعض “إصلاحية” لكنها تُواجَه باتهامات بأنها مجرد “ترقيع” لا يمسّ جوهر المشكلة، وبين هذه التباينات، يتساءل المواطن الليبي، هل اقتربت نهاية أزمة العملات الصعبة، أم أن المسار ما يزال طويلًا؟

ازدواجية تفاقم الفجوة

وقالت مصادر: إن الازدواجية بين السعر الرسمي للدولار والسعر في السوق الموازي تعد إحدى أكبر المشكلات التي تنعكس بشكل مباشر على أسعار السلع والخدمات، فعلى الرغم من توحيد سعر الصرف في 2021، إلا أن التهريب والطلب الكبير على العملة الأجنبية وغياب الرقابة الفعالة أعادت السوق السوداء إلى الواجهة بقوة.

وترى المصادر، أن هذه الفجوة بين السعرين جعلت التجار يعتمدون على السوق الموازية لتمويل وارداتهم، مما يرفع الأسعار على المواطن بشكل كبير. وفي المقابل، يفشل المصرف المركزي في توفير الدولار بالكميات المطلوبة عبر الاعتمادات المستندية، ما يفتح الباب أمام المضاربات.

فالليبي العادي، الذي يتقاضى راتبه بالدينار، لا يفهم تعقيدات هذه المعادلة، لكنه يلمس نتائجها يوميًا: ارتفاع أسعار الغذاء، الأجهزة الكهربائية، السيارات، وحتى السلع الأساسية، دون وجود قدرة شرائية كافية.

المورد الوحيد الذي يتحكم بالمشهد

وأكدت المصادر، أن الاقتصاد الليبي يعتمد بنسبة تزيد عن 95% على إيرادات النفط، لكن هذه الإيرادات باتت مرتبطة بمعادلة غير مستقرة: إغلاقات الحقول والموانئ، الصراعات السياسية، والنزاعات على عائدات النفط بين الشرق والغرب.

ومع كل توقف في الإنتاج، ترتفع قيمة الدولار في السوق الموازية بشكل مفاجئ، وتتأثر الأسعار في السوق المحلية خلال ساعات، هذا الارتباط الحاد جعل المواطن يعيش في حالة قلق دائم، إذ يكفي خلاف سياسي أو بيان من إحدى الجهات المسلحة لرفع الأسعار في الأسواق.

وترى المصادر، أن أي إصلاح مالي لن يدوم ما لم يتم تحييد قطاع النفط عن التجاذبات، وإنشاء صندوق سيادي يدير العائدات بعيدًا عن الصراع السياسي.

الانقسام السياسي

وأكدت المصادر، أنه لا يمكن الحديث عن أزمة العملات الصعبة دون الإشارة إلى الانقسام السياسي بين حكومتين ومؤسستين ماليتين، فرغم محاولات المصرف المركزي “توحيد الأرقام”، إلا أن الخلافات المالية والإدارية ما تزال قائمة، ما يجعل تنفيذ أي سياسة اقتصادية شاملة أمرًا صعبًا.

وفي ظل هذا التعقيد، يجد المواطن نفسه محاصرًا بين تصريحات رسمية تعد بإصلاحات، وبين واقع معيشي يزداد صعوبة، فكل حكومة تدّعي أنها تعمل على “تحقيق الاستقرار”، لكن عند المواطن، النتيجة واحدة: الأسعار تتصاعد، والدينار يواصل الهبوط، والسلع تتذبذب وفق تقلبات السوق.

الإصلاح الحقيقي.. أين يبدأ؟

يشير اقتصاديون إلى أن إصلاح سوق العملات في ليبيا يتطلب سلسلة من الإجراءات المتوازية، وليس قرارات متفرقة، أهمها توحيد المؤسسة المالية بشكل كامل وتعزيز الشفافية في منح الاعتمادات ورفع القدرة الإنتاجية للاقتصاد المحلي للحد من الاستيراد وضبط المنافذ الحدودية للحد من تهريب العملة وتفعيل أدوار أجهزة الرقابة والدوائر الضريبية وتنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط وإصلاح القطاع المصرفي والبنية التحتية المالية، بدون هذه العوامل، سيظل أي إصلاح “مؤقتًا” أو “ترقيعًا”، لأن السوق الموازية ستظل تتحكم بالأسعار.

هل من أمل قريب؟

واختتمت المصادر أنه على الرغم من قتامة المشهد، فقالت إن التقدم في مسار توحيد المصرف المركزي وإعادة هيكلة المالية العامة قد يحمل بصيص أمل، كما أن استقرار إنتاج النفط لفترات طويلة يمكن أن ينعكس بشكل إيجابي على توفير الدولار وتخفيف الضغط عن السوق الموازية، لكن هذه التوقعات تبقى مشروطة بعامل أساسي: الاستقرار السياسي، فأي إصلاح مالي لن يكون فعالًا ما لم يكن هناك حكومة موحدة قادرة على إدارة المؤسسات الاقتصادية بشكل احترافي ومنتظم.