ذات صلة

جمع

مستقبل التنسيق.. هل هناك مصالح متباينة حاليًا بين دمشق وقيادة حزب الله وإيران؟

يشهد محور “دمشق–حزب الله–إيران” لحظة سياسية شديدة الحساسية، وسط...

استراتيجية التفكيك.. ما هي السيناريوهات المحتملة لوقف صراع النفوذ في طرابلس؟

تبرز استراتيجية التفكيك كأحد الخيارات التي تطرحها دوائر الخبراء...

صوت من قلب القرار.. ما هي أبرز التحديات التي تواجه الاستقرار في المحافظات المحررة باليمن؟

مع استمرار الحرب اليمنية وتعقّد المشهد السياسي والأمني، تبرز...

من رماد الأزمة.. ما هي خارطة الطريق لإنهاء الفوضى السورية؟

بعد أكثر من 13 عامًا على اندلاع الأزمة السورية،...

عام ثقيل على سوريا.. هل يتحول “الحضن الروسي” إلى فخ استراتيجي؟

على مدار العام الماضي، وجد النظام السوري نفسه أقرب...

استراتيجية التفكيك.. ما هي السيناريوهات المحتملة لوقف صراع النفوذ في طرابلس؟

تبرز استراتيجية التفكيك كأحد الخيارات التي تطرحها دوائر الخبراء والفاعلين الدوليين، في محاولة لإعادة توحيد المؤسسات الأمنية في طرابلس، وإعادة هندسة منظومة الحكم المحلي بما يسمح بإعادة توزيع الأدوار ومنع الانفجار الأمني المتكرر.

ووفق المصادر، فتطبيق هذه الاستراتيجية يواجه جملة من التحديات، أبرزها: بنية المجموعات المسلحة، وتوازن القوى بين مؤسسات الدولة، وهو ما يدفع إلى البحث في السيناريوهات الممكنة لوقف هذا الصراع المتصاعد.

جذور صراع النفوذ داخل العاصمة

لا يقتصر الصراع في طرابلس على مواجهة عسكرية بين مجموعات متناحرة، بل يرتبط بعمق بالبنية السياسية التي تشكلت منذ اتفاق الصخيرات ومرحلة حكومتي الوفاق ومن بعدهما حكومة الوحدة الوطنية، فقد أفرزت سنوات الانقسام مؤسسات متوازية، ومصالح تتقاطع بين أجهزة أمنية وكتائب مسلّحة ومراكز نفوذ مالية، ومع مرور الوقت أصبح لكل مجموعة مناطق نفوذ وإيرادات واستقطابات؛ ما جعل العاصمة مدينة مُجزّأة سياسيًا وأمنيًا رغم وجود حكومة مركزية.

دور التدخلات الإقليمية في تعقيد المشهد

ولا يمكن قراءة الوضع الأمني في طرابلس بمعزل عن الدعم الإقليمي لبعض الأطراف، إذ تمثل العاصمة نقطة ارتكاز لمعادلة النفوذ بين فاعلين إقليميين يحرص كل منهم على الحفاظ على حلفائه داخل مؤسسات الدولة أو ضمن مجموعات مسلحة مؤثرة.

ووفق مصادر، فإن الدعم السياسي والعسكري الخارجي، سواء بطريقة مباشرة أو عبر شبكات محلية، ساهم في تكريس مراكز القوة ومنع أي طرف من تحقيق سيطرة كاملة، الأمر الذي يُبقي العاصمة في حالة توازن هشّ قابل للاهتزاز مع كل تغيير في المعادلات.

استراتيجية التفكيك

تقوم فكرة استراتيجية التفكيك على تقليص نفوذ المجموعات المسلحة داخل العاصمة تدريجيًا، عبر إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، ودمج عناصر مختارة، وتعزيز سلطة مؤسسات الدولة بشكل لا يفتح الباب لمواجهة مباشرة.

وتتضمن الاستراتيجية ثلاثة مبادئ أساسية: تفكيك منظومة المصالح الاقتصادية المرتبطة بالمجموعات المسلحة، و إعادة توزيع النفوذ الأمني تدريجيًا بين الأجهزة الرسمية، بما يقلل من قدرة أي مجموعة على فرض الأمر الواقع، واحتواء المواجهات المحتملة عبر وساطات محلية ودولية تمنع الانزلاق إلى حرب داخلية.

هذه الفكرة تلقى دعمًا من بعض الدوائر الدولية التي ترى أن استمرار المشهد الحالي يحول دون أي تقدم سياسي، ويرسخ الانقسام بين الشرق والغرب، ويفتح الباب أمام عودة الجماعات المتشددة، فضلًا عن تعطيل عملية الانتخابات.

السيناريوهات المحتملة لوقف صراع النفوذ

يعد هذا السيناريو الأكثر تداولًا لدى الأطراف الدولية، إذ يهدف إلى إعادة هيكلة القطاع الأمني عبر عملية دمج واسعة تتضمن إنشاء وحدات جديدة تابعة رسميًا للوزارة وضم مجموعات محدودة من الكتائب، واستبعاد العناصر المتورطة في انتهاكات خطيرة، ووضع ترتيبات مالية بديلة للعناصر المدمجة ونجاح هذا السيناريو يعتمد على قدرة الحكومة على ضبط الموارد المالية وتوفير حوافز حقيقية للعناصر، إضافة إلى دعم دولي مستمر.

كما ترجح مصادر سيناريو تفكيك مراكز النفوذ عبر إعادة توزيع الموارد و في هذا السيناريو، يتم الحد من الموارد التي تعتمد عليها بعض المجموعات من خلال إصلاحات مالية في الاعتمادات والمنافذ، ونقل بعض الصلاحيات إلى مؤسسات مركزية، وتشديد الرقابة على التدفقات النقدية.

هذه الخطوات من شأنها إضعاف قدرة مجموعات معينة على تمويل نفوذها، لكنها قد تفتح الباب أمام مواجهات إذا لم تُرفق بضمانات أمنية واضحة.

أما السيناريو الثالث، وهو اتفاق سياسي شامل بين القوى المتنافسة و يتحدث هذا السيناريو عن مائدة حوار واسعة تضم القوى السياسية والعسكرية في طرابلس، بهدف الوصول إلى تفاهم على تقاسم النفوذ والوظائف الأمنية، كحل مؤقت لحين التوصل إلى اتفاق دستوري وانتخابات، ورغم أنه سيناريو مرن، إلا أنه يظل هشًّا لغياب الثقة بين الأطراف، وارتباط كل طرف بحسابات إقليمية تزيد من صعوبة الوصول إلى اتفاق ملزم.

أما عن السيناريو الرابع و الحسم العسكري المحدود وهو السيناريو الأكثر خطورة، إذ قد يلجأ طرف مدعوم خارجيًا إلى محاولة فرض سيطرته عبر عمليات عسكرية محدودة لإعادة رسم خريطة النفوذ، لكن هذا السيناريو يظل ضعيف الاحتمال بسبب توازن الردع بين عدة مجموعات داخل العاصمة، الحسابات الدولية التي ترفض انفجارًا واسعًا، الخشية من تحول أي اشتباك صغير إلى حرب داخلية.

التحديات التي تواجه تنفيذ أي استراتيجية تفكيك

هناك جملة من العقبات الأساسية التي تقف في طريق أي محاولة لتفكيك مراكز القوة داخل طرابلس، أبرزها تشابك المصالح المالية للمجموعات المسلحة مع مؤسسات الدولة وغياب الثقة بين الأجهزة الأمنية الرسمية والمكونات المسلحة وضعف الغطاء السياسي الذي تحتاجه أي خطة لإعادة بناء القطاع الأمني والحسابات الإقليمية التي تربط بعض الأطراف بارتباطات خارجية وغياب رؤية موحدة حول طبيعة الدولة ومستوى المركزية في الحكم، هذه التحديات تجعل أي خطة للتفكيك تتطلب مقاربة طويلة الأمد تجمع بين الضغوط السياسية والحوافز الاقتصادية والترتيبات الأمنية المتدرجة.

ورغم تعدد السيناريوهات، يظل العامل الحاسم هو قدرة الفاعلين المحليين والدوليين على خلق بيئة مشتركة تمنع الانفجار وتسمح بانتقال آمن للنفوذ، بما يحفظ استقرار العاصمة ويمهد لمرحلة سياسية أكثر وضوحًا.