بعد استجوابه حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، قرر القضاء اللبناني منعه من السفر، وفق ما أفاد مسؤول قضائي لـ”وكالة فرانس برس”، في خطوة جاءت بعد تسلّم السلطات شارة حمراء من الإنتربول، بناء على مذكرة توقيف فرنسية.
وقال المسؤول، إنّ المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان قرر بعد استجواب سلامة “تركه رهن التحقيق ومنعه من السفر وحجز جوازي سفره اللبناني والفرنسي”، مضيفاً أنه “أرسل تقريراً تضمّن محضر الجلسة إلى فرنسا، وطلب من القاضية أود بوريزي تزويده بملف التحقيق الفرنسي”.
ووفقا لوسائل إعلام لبنانية، فانّ القاضي قبلان حجز جوازي سفر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الفرنسي واللبناني وتركه رهن التحقيق بعد جلسة استماع استمرت ساعة وعشرين دقيقة.
ومثل حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، اليوم أمام النيابة العامة التمييزية وتم استجوابه في مضمون “النشرة الحمراء” الصادرة عن “الإنتربول” الدولي، تنفيذاً لمذكرة التوقيف الفرنسية.
وأصدر القضاء الألماني مذكرة توقيف ثانية بحقه بجرائم “الفساد والتزوير والاختلاس وتبييض الأموال”، ليوسّع من خلالها دائرة الملاحقات، ويضع القضاء اللبناني أمام اختبار بشأن قدرته على التعامل مع هذه التطورات المتسارعة، وحتى الآن لم يتسلّم لبنان رسمياً المذكرة الألمانية، لكنّ “النيابة العامة التمييزية تبلّغت شفهياً من المدعية العامة في ميونيخ التي شاركت في تحقيقات بيروت، بإصدار مذكرة التوقيف بحق سلامة”.
وقال مصدر لبناني إن “المذكرة صدرت بصيغتها المحليّة في ألمانيا، وسوف تعمّم خلال الساعات المقبلة عبر الإنتربول الدولي لتأخذ طريقها للتنفيذ”.
وكلف نائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات القاضي عماد قبلان الاستماع إلى سلامة في جلسة اليوم الأربعاء، وفي مسار هذه الجلسة، تشير مصادر إعلامية لبنانية إلى أن القاضي قبلان يبلغ سلامة مذكرة الإنتربول ويقوم بحجز جوازات السفر التي يحملها، ويقرر إما تركه رهن التحقيق أو بسند إقامة، ثم يطلب ملف استرداده من فرنسا، مشددة على أن ملف الاسترداد يجب أن يتضمن طلبا لتسليمه مع وقائع وأدلة بحقه.
وتوضح المصادر أنه بوصول “الملف الفرنسي” يُدرس الطلب لتحديد مدى توافر شروط التهم الموجهة إلى سلامة من القضاء الفرنسي، على أن يبدي النائب العام التمييزي بعد ذلك مطالعة يرفعها إلى وزير العدل الذي يرفع بدوره طلب الاسترداد إلى مجلس الوزراء مجتمعا للبت به.
وتؤكد المصادر أن لبنان لا يسلم رعاياه إلا بشروط محددة وفقا لما تنص عليه المادة 30 من قانون العقوبات وما يليها، أو استنادا إلى معاهدة دولية بين البلدين، علما أنه لا يوجد معاهدة قضائية بين لبنان وفرنسا لتبادل المطلوبين، وسبق أن تم البحث بها إلا أن لبنان لم يوقّع عليها.
واعتبرت المصادر أن “الملف الفرنسي والملف اللبناني مرتبطان، فالأخير استند في تحقيقاته الأولية إلى استنابة سويسرية حيث فتح تحقيقا في ضوئها تولاه حينها القاضي جان طنوس، مشيرة إلى أنه في حال توافر شروط التهم المساقة ضد سلامة في فرنسا فإن الملف يحال إلى الجهة القضائية المعنية للادعاء عليه ومحاكمته بشأنها على الأراضي اللبنانية، وبالتالي يصبح سلامة ملاحقا بملفين أمام القضاء اللبناني.
فيما تصدر محكمة الاستئناف في باريس في الرابع من يوليو قرارها بشأن قانونية عملية الحجز على أصول عقارية وأموال لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة في أوروبا، وفق ما أفادت مصادر مطلعة على الملف وكالة “الصحافة الفرنسية”.
ويُشتبه بأنّ سلامة البالغ 72 عاماً استحصل على هذه الأملاك والأصول عبر اختلاس أموال عامة في لبنان حيث يتولى حاكمية المصرف المركزي منذ ثلاثة عقود وتربطه علاقة وثيقة بالطبقة السياسية.
وتدرس غرفة التحقيق في محكمة الاستئناف بباريس طلبات إبطال تقدّم بها فريق الدفاع عن سلامة حيال أكثر من عشر عمليات حجز قامت بها فرنسا على أصول وممتلكات تقدّر قيمتها بعشرات الملايين من اليوروهات، وتشمل شققاً في مناطق راقية من العاصمة كالدائرة السادسة عشرة وجادة الشانزيليزيه، وأخرى في بريطانيا وبلجيكا، وحسابات مصرفية.
وبحسب مصادر، طلبت النيابة العامة الثلاثاء تأكيد عمليات الحجز هذه، ووفق معطيات اطلعت عليها وكالة “الصحافة الفرنسية”، تخشى النيابة العامة أن تحرم فرنسا من “كل مجال للمصادرة” في حال دان القضاء سلامة يوماً ما.
بينما نفى سلامة الأسبوع الماضي التهم، مؤكداً: “ضميري مرتاح… وإذا صدر حكم ضدي يُثبت أنني مرتكب، سأتنحى عن حاكمية المصرف”، وذلك في مقابلة مع قناة “الحدث”.
وأعلنت فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ في أواخر مارس 2022 تجميد 120 مليون يورو من الأصول اللبنانية، وذلك إثر تحقيق استهدف سلامة وأربعة من المقربين منه، بينهم شقيقه رجا سلامة.
ويتعلّق التحقيق بقضايا غسل أموال و”اختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي، بين 2002 و2021″.
ويطالب وكلاء الدفاع عن سلامة باستعادة أصول بعشرات الملايين من اليوروهات يملكها موكّلهم ومحجوزة في فرنسا، ويجري التحقيق القضائي الفرنسي منذ يوليو 2021، بموازاة تحقيقات أوروبية ولبنانية أخرى بحقّ سلامة.