أثار الجدل المتصاعد حول منح الرقم الوطني في ليبيا لأشخاص غير ليبيين، بينهم مرتزقة وأجانب، عاصفة سياسية وأمنية وحقوقية، وُصفت بأنها “زلزال هوية” يهدد أسس الدولة ومستقبلها.
وقالت مصادر: إن الرقم الوطني، الذي يُفترض أن يكون حجر الأساس في تثبيت المواطنة، وضبط السجل السكاني، وحماية السيادة، تحوّل إلى أداة اختراق خطيرة، تُستخدم لتغيير التركيبة الديمغرافية، وشرعنة الوجود غير القانوني، وتكريس نفوذ قوى مسلحة ودوائر فساد.
ما هو الرقم الوطني وخطورته؟
وأوضحت المصادر، أن الرقم الوطني في ليبيا يُعد المعرف الرسمي الوحيد للمواطن، وترتبط به الحقوق الأساسية، من جواز السفر والانتخابات، إلى التعليم والصحة والدعم الحكومي، وأي تلاعب بهذه المنظومة لا يُعد مجرد مخالفة إدارية، بل مساسًا مباشرًا بالأمن القومي، لأنه يفتح الباب أمام إدخال عناصر أجنبية إلى صلب الدولة بوصفهم مواطنين.
وأكدت المصادر، أن خطورة القضية تكمن في أن منح الرقم الوطني لا يمنح فقط هوية ورقية، بل يتيح الاندماج في مؤسسات الدولة، والاستفادة من مواردها، وربما التأثير في قرارها السياسي والأمني.
اتهامات متبادلة وصمت رسمي
وتفجّر الملف وسط تبادل اتهامات بين أطراف سياسية وأمنية، تتهم شبكات داخل مؤسسات الأحوال المدنية بالتواطؤ مع جماعات مسلحة نافذة، ومنح أرقام وطنية لأشخاص لا يحملون أي صفة قانونية ليبية، ورغم خطورة الاتهامات، تلاحظ المصادر غياب موقف رسمي حاسم، واكتفاء السلطات بتصريحات عامة عن فتح تحقيقات، دون إعلان نتائج أو محاسبة واضحة، هذا الصمت زاد من الشكوك، وفتح الباب أمام تساؤلات حول الجهات المستفيدة من إبقاء الملف معلقًا، دون حسم أو شفافية.
الميليشيات في قلب العاصفة
وأشارت تقارير سياسية وإعلامية، أن بعض الميليشيات المسلحة لعبت دورًا محوريًا في هذا الملف، مستفيدة من سيطرتها على مناطق ومؤسسات، وفرض نفوذها على إدارات محلية، وتُتهم هذه الجماعات باستخدام الرقم الوطني كأداة لتجنيس مقاتلين أجانب، ودمجهم في المشهد الليبي، سواء لتأمين ولاءات طويلة الأمد، أو لتغيير موازين القوى على الأرض.
وترى المصادر، أن منح الهوية لمقاتلين أجانب يمنح الميليشيات عمقًا بشريًا جديدًا، ويُصعّب أي مسار لنزع السلاح أو تفكيك الجماعات المسلحة مستقبلًا.
شبكات فساد عابرة للمؤسسات
ولا يقتصر الأمر على السلاح والميليشيات، بل يمتد إلى شبكات فساد داخل مؤسسات الدولة، يُعتقد أنها سهّلت تمرير ملفات مشبوهة مقابل مكاسب مالية أو حماية سياسية.
وتؤكد المصادر، أن ضعف الرقابة، وتعدد مراكز القرار، وغياب قاعدة بيانات موحدة، كلها عوامل ساهمت في فتح ثغرات خطيرة داخل منظومة الرقم الوطني وهذه الشبكات، وفق تقديرات، لا تعمل بشكل عشوائي، بل ضمن منظومة مصالح متداخلة، يصعب تفكيكها دون إرادة سياسية حقيقية.
غياب الدولة وتعدد الحكومات
وترى المصادر، أن توحيد المؤسسات، خاصة السيادية منها، يُعد شرطًا أساسيًا لوقف هذا النزيف، وإعادة الاعتبار لمنظومة الهوية الوطنية.
وقالت: إن معالجة زلزال الهوية تتطلب حزمة إجراءات عاجلة، أبرزها تدقيق شامل ومستقل في منظومة الرقم الوطني، ووقف فوري لأي تسجيلات مشبوهة، وإعادة بناء قاعدة بيانات مركزية محمية تقنيًا وقانونيًا، كما يشددون على ضرورة محاسبة المتورطين، مهما كانت مواقعهم، باعتبار القضية مسألة أمن قومي لا تقبل التسويات.

