تعيش منطقة الحدود الشمالية لإسرائيل حالة تأهب قصوى غير مسبوقة، بالتزامن مع استمرار التصعيد المتبادل والخطاب الحاد بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني.
يشير العديد من المحللين والتقارير الاستخباراتية إلى أن إسرائيل تضع هدفًا زمنيًا لإنهاء عملياتها في غزة وبدء التفرغ لـ الجبهة الشمالية، خاصة مع تزايد الضغوط الداخلية لإعادة المستوطنين النازحين إلى منازلهم، هذا التزامن يثير القلق من أن السيناريو الأسوأ يقترب بالفعل، وأن نهاية العام قد لا تكون مجرد موعد للتفاوض، بل نقطة تحول نحو العمل العسكري.
الدافع وراء التوقيت
وقالت مصادر: إن العامل الأكثر تأثيراً في تحديد التوقيت المحتمل لأي عمل عسكري إسرائيلي في لبنان هو الضغط الداخلي الهائل، وخاصة من سكان الشمال الإسرائيلي الذين نزحوا بسبب هجمات حزب الله.
حيث أعطى المسؤولون الإسرائيليون، بمن فيهم رئيس الوزراء ووزير الدفاع، مهلاً زمنية غير رسمية تنتهي بشكل فعلي مع نهاية العام أو بداية العام الجديد كحد أقصى للوصول إلى حل، إما دبلوماسي أو عسكري.
ويواجه رئيس الوزراء ضغوطًا من اليمين المتشدد ومن عائلات المستوطنين للتحرك عسكريًا فورًا ضد حزب الله لضمان إبعاد تهديد قوات الرضوان عن الحدود.
انتهاء الفصل في غزة
وتتفق معظم التقديرات الاستخباراتية على أن العمل العسكري الإسرائيلي في لبنان لن يبدأ قبل الانتقال إلى مرحلة “القتال منخفض الشدة” في غزة، ويُنظر إلى نهاية العام كتاريخ محتمل لـ إسرائيل لتحرير جزء كبير من قواتها وتركيزها على الجبهة الشمالية. هذا التفرغ العسكري هو شرط أساسي للبدء في السيناريو الأسوأ.
العمل العسكري: هل هو حتمي؟
وتؤكد التصريحات الإسرائيلية الأخيرة أن الحل الدبلوماسي هو الخيار المفضل، لكنها تشير بقوة إلى أن الحل العسكري هو خيار حتمي في حال فشل المفاوضات.
حيث تتمحور المطالب الإسرائيلية لإنهاء التهديد على الجبهة الشمالية حول تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 1701 بشكل كامل، والذي ينص على انسحاب حزب الله ووجود الجيش اللبناني (يونيفيل)، ويرفض حزب الله حتى الآن الانسحاب الكامل، ويرى أن أي تسوية يجب أن تكون مرتبطة بوقف إطلاق النار الشامل في غزة، مما يجعل المسار الدبلوماسي الحالي يقترب من طريق مسدود.
كما أفادت تقارير عسكرية إسرائيلية، أن الجيش الإسرائيلي قد أكمل وضع خطط شاملة لـ العمل العسكري في لبنان، تشمل غارات جوية مكثفة وعملية برية محدودة تهدف إلى دفع قوات الرضوان بعيدًا عن الشريط الحدودي، وتطهير الأنفاق الهجومية، وفرض المنطقة العازلة التي تسعى إليها إسرائيل.
السيناريو الأسوأ
وقالت مصادر: إذا ثبت أن نهاية العام هي بالفعل تاريخ حتمي للعمل العسكري الإسرائيلي في لبنان، فإن المنطقة تتجه نحو كارثة إقليمية ذات أبعاد هائلة ومن المرجح أن يؤدي الهجوم الشامل إلى تدمير واسع النطاق في جنوب لبنان، وإطلاق حزب الله لآلاف الصواريخ الدقيقة وغير الدقيقة باتجاه العمق الإسرائيلي، بما في ذلك تل أبيب والبنية التحتية الحيوية، هذا التدمير سيقضي على أي أمل في إنقاذ الاقتصاد اللبناني المنهار أصلاً وقد يؤدي الهجوم إلى انخراط أطراف أخرى في الصراع، خاصة من المحور الإيراني؛ مما يوسع دائرة الحرب لتشمل مناطق أخرى مثل سوريا والعراق، ويهدد حرية الملاحة في الممرات المائية الإقليمية.
مهلة أم عد تنازلي؟
إن التساؤل حول ما إذا كانت نهاية العام مهلة أم تاريخ حتمي للعمل العسكري الإسرائيلي في لبنان يظل معلقًا بالإرادة السياسية لطرفين لا يثقان ببعضهما البعض، ومع فشل جهود الوساطة الأمريكية والفرنسية في إقناع حزب الله بالانسحاب الشامل، ومع تزايد ضغوط المستوطنين على الحكومة الإسرائيلية، يبدو أن السيناريو الأسوأ يقترب بخطوات متسارعة، وفي النهاية، يرجح أن يتحول الموعد الزمني الداخلي المفروض من قبل إسرائيل إلى تاريخ حتمي للعمليات العسكرية، ما لم يطرأ تغيير جذري وغير متوقع على مواقف الأطراف قبل نهاية العام.

