كشف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن بلاده تقترب من إبرام اتفاق مع فرنسا لتبادل سجناء، مؤكدًا أن المفاوضات وصلت إلى “مرحلتها النهائية”، فيما جددت باريس تمسكها بالإفراج غير المشروط عن مواطنيها المحتجزين في إيران.
تصريحات عراقجي: الاتفاق يقترب
في مقابلة تلفزيونية مساء الخميس، أوضح عراقجي أن التفاهم بشأن تبادل السجناء “بلغ نقطة متقدمة جدًا”، لكنه امتنع عن تقديم تفاصيل إضافية حول الصيغة النهائية أو موعد التنفيذ. وأشار إلى أن الصفقة قد تشمل إطلاق سراح مهدية أصفندياري، وهي إيرانية أوقفتها السلطات الفرنسية في فبراير الماضي بتهمة الترويج لأفكار متطرفة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وهو الاتهام الذي تنفيه طهران وتصفه بأنه “غير قانوني”.
الموقف الفرنسي: الإفراج غير المشروط
على الجانب الآخر، رفض وزير الخارجية الفرنسي المنتهية ولايته جان نويل بارو التعليق مباشرة على تصريحات عراقجي، مكتفيًا بالتأكيد على أن بلاده “تطالب بالإفراج غير المشروط عن مواطنيها”. ويقصد بذلك سيسيل كولر (40 عامًا) وجاك باريس (72 عامًا)، المعتقلين في إيران منذ مايو 2022 بتهمة التجسس، وهي تهم تنفيها باريس وتعتبرها جزءًا من “احتجاز سياسي”.
معركة قضائية دولية
في مايو الماضي، رفعت فرنسا دعوى قضائية ضد إيران أمام محكمة العدل الدولية، معتبرة أن استمرار احتجاز مواطنيها يشكل “انتهاكًا للقانون الدولي”. أما إيران، فتؤكد أن الملف “قضية قضائية داخلية” وترفض أي تدخل خارجي فيه.
ورقة ضغط متبادلة
أصبح ملف السجناء إحدى أبرز أوراق الضغط المتبادلة بين طهران وباريس. فإيران تستخدمه في مواجهة العقوبات والضغوط الغربية، بينما تُصر فرنسا على التعامل معه كقضية إنسانية مستقلة لا يجوز ربطها بأي ملفات سياسية أو تفاوضية. ورغم المؤشرات على تقدم المفاوضات، يظل نجاح الصفقة مرهونًا بمدى استعداد الجانبين للفصل بين الحسابات السياسية وملف المعتقلين، في وقت تشهد فيه المنطقة توترًا متصاعدًا يزيد من تعقيد المشهد.
السيناريوهات المقبلة
يرى مراقبون أن المفاوضات قد تسلك أكثر من اتجاه خلال الأسابيع القادمة. الاحتمال الأول يتمثل في إبرام صفقة متوازنة تسمح بتبادل السجناء بشكل متزامن، وهو ما قد يخفف حدة التوتر بين باريس وطهران ويفتح المجال أمام حوار أوسع. الاحتمال الثاني يقوم على تعثر المفاوضات إذا أصرت فرنسا على مطلب الإفراج غير المشروط، في حين تصر إيران على استخدام الملف كورقة ضغط سياسية. أما الاحتمال الثالث فيتمثل في تأجيل الحسم وربط القضية بمسارات تفاوضية أوسع، سواء تلك المتعلقة بالملف النووي الإيراني أو بالعلاقات مع العواصم الأوروبية. وفي جميع الأحوال، يبقى مصير السجناء رهينة لتوازن المصالح، حيث يتداخل البعد الإنساني مع الحسابات السياسية في مشهد شديد التعقيد.