في تصعيد جديد لانتهاكات مليشيات الحوثي ضد دور العبادة، أقدمت الجماعة على الاستيلاء على مسجد “عبدالوهاب” في مدينة القاعدة جنوب محافظة إب، وذلك بعد أيام قليلة من سيطرتها على مسجد “هائل” في المنطقة نفسها.
يأتي هذا وسط موجة غضب شعبي متزايدة، خاصة مع استمرار المليشيا في إغلاق المصليات النسائية، في خطوة تستهدف التضييق على حرية العبادة خلال شهر رمضان المبارك.
تحويل المساجد إلى منصات طائفية
وأفادت مصادر محلية يمنية بأن المشرف الثقافي الحوثي في مديرية القاعدة، المدعو “أبو جبريل النوعة”، اقتحم مسجد “عبدالوهاب” برفقة مجموعة مسلحة، وأجبر الإمام الشرعي على المغادرة، ليتم تعيين خطيب موالٍ للجماعة.
وهذه الخطوة تأتي ضمن استراتيجية ممنهجة لاستبدال الأئمة والخطباء بآخرين ينتمون للجماعة، بهدف نشر أفكارها الطائفية واستخدام المنابر الدينية كأدوات لتبرير سياساتها.
وذكرت المصادر أن الميليشيا نفّذت إجراءات مماثلة في مسجد “هائل”، حيث جرى طرد الإمام بالقوة، وتحويل المسجد إلى مركز لتجنيد الشباب وإخضاعهم لدورات فكرية وعسكرية ضمن صفوف الجماعة.
استهداف المصليات النسائية: قمع ديني متزايد
فيما لم تكتفِ ميليشيا الحوثي بالسيطرة على المساجد، بل وسّعت نطاق انتهاكاتها إلى المصليات النسائية، حيث أغلقت العديد منها في مناطق إب وذي السفال والقفر، متذرعة بحجج تنظيمية.
غضب شعبي واستنكار واسع
إلا أن تقارير محلية كشفت أن بعض هذه المصليات حُولت إلى مواقع عسكرية أو مخازن للأسلحة، في انتهاك صارخ لحقوق النساء في ممارسة الشعائر الدينية.
وتُشير تقارير حقوقية إلى أن الجماعة تنتهج هذه السياسة منذ 2014، إذ أغلقت 12 مصلى نسائيًا على الأقل في محافظة إب وحدها، وحوّلتها إلى مراكز تابعة لها.
وأثارت هذه الإجراءات موجة رفض واسعة بين أبناء إب، الذين اعتبروا أن الحوثيين يسعون لفرض مشروعهم الطائفي على المجتمع اليمني، مستغلين السيطرة على المساجد والمنابر الدينية كأداة للهيمنة الفكرية.
وقال نشطاء حقوقيون إن: “الحوثيون لا يريدون فقط السيطرة على المساجد، بل يسعون لتحويلها إلى منصات لترويج خطابهم الطائفي، وقمع أي فكر يخالف مشروعهم”.
بدوره، حذّر الشيخ سالم الحميري، أحد وجهاء إب، من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى “فتنة مجتمعية”، مؤكدًا أن “المجتمع اليمني يرفض أي محاولة لتغيير هويته الدينية”.
الحوثيون وإعادة تشكيل المشهد الديني
ومنذ انقلابها على السلطة الشرعية عام 2014، تبنت ميليشيا الحوثي سياسة ممنهجة للسيطرة على المساجد والمؤسسات الدينية، بهدف فرض رؤيتها الطائفية وإقصاء المخالفين.
وتُشير تقارير إلى أن الجماعة استولت على أكثر من 200 مسجد في إب وحدها، وفرضت رقابة صارمة على الخطب الدينية، لضمان توجيهها بما يخدم أجندتها السياسية.
التوقيت: رمضان واستغلال الانشغال الدولي
دعوات لإنقاذ دور العبادة ووقف الانتهاكات
ويرى مراقبون أن هذا التصعيد الحوثي ليس عشوائيًا، بل يهدف إلى استغلال الفراغ الأمني والانشغال الدولي بالأزمة الإنسانية في اليمن.
كما أن اختيار شهر رمضان، الذي يشهد تجمعات دينية واسعة، يُمثل فرصة للجماعة لتعزيز سيطرتها وفرض الأمر الواقع في مناطق نفوذها.
وفي ظل هذه التطورات، دعا نشطاء يمنيون ومنظمات حقوقية المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم تجاه الانتهاكات الحوثية ضد دور العبادة، والعمل على وقف تدمير النسيج الاجتماعي اليمني.
كما طالبوا بدعم سكان إب والمناطق الأخرى التي تواجه سياسات قمع ديني متزايدة، مؤكدين أن حرية العبادة حق مكفول لا يجوز التعدي عليه.