في الوقت الذي يسقط فيه العشرات من أبناء الشعب الفلسطيني غدرا بغارات القوات الإسرائيلية، وتناول الدول العربية إدانة ذلك والتصدي لتلك الانتهاكات ودعم الشعب الفلسطيني، يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خفية استغلال الأمر لمصالحه كعادته.
وبدون خجل أو مراعاة للشعب المحتل، يستغل أردوغان الصراع في القدس الشرقية بين الفلسطينيين والسلطات الإسرائيلية، مثلما اعتاد في علاقاته ومساعيه الخفية، حيث خدع قادة السلطة الفلسطينية وحركة حماس بوعوده أن تركيا سوف “تحشد العالم بأسره، وخاصة العالم الإسلامي، أوقفوا الإرهاب والاحتلال الإسرائيليين”.
وقال أردوغان، في مكالمات هاتفية منفصلة مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أدان “القسوة التي يتعرض لها الفلسطينيون وهذه الهجمات الدنيئة التي لا تضر بضمير المسلمين فحسب، بل تضر بضمير الإنسانية جمعاء”.
وزعم أن تركيا ستكون على الدوام “نصيرا للقضية الفلسطينية، وتقف إلى جانب أشقائها الفلسطينيين وتحمي كرامة القدس”، مدعيا أن إسرائيل دولة إرهابية وشيطانية، رغم علاقته القوية والضخمة مع تل أبيب والمعروفة أمام العالم أجمع.
وتابع أردوغان أن: “إسرائيل القاسية، دولة إسرائيل الإرهابية، تهاجم بعنف وبشكل غير أخلاقي المسلمين في القدس، الذين لا يحلمون سوى بحماية كل الأشياء التي يعتبرونها مقدسة، والبيوت التي ورثوها عن عائلاتهم منذ آلاف السنين، وأراضيهم”.
وعلق بن كوهين، في موقع الجمينار الإسرائيلي، أن موقف الرئيس التركي للقضية الفلسطينية يعتبر جزءا من مساعيه لتأكيد القيادة التركية للعالم الإسلامي على مدى العقد الماضي، واعتبره “عثمانيا جديدا”.
ودعمت وسائل الإعلام التركية التابعة للنظام، مساعي أردوغان والترويج لدوره المزعوم في تلك القضية، حيث نشرت قصة عن ناشط فلسطيني في حي الشيخ جراح بالقدس يدعو الرئيس التركي إلى إعادة تأسيس الدولة العثمانية وتحرير فلسطين.
وأكد مراقبون، وفقا لموقع “أحوال” التركي، أن تأجيج الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بخطابات أردوغان هدفه الأول محاولة لتصدير النفوذ التركي خارج حدود بلاده بشكل يستقطب مؤيدين له داخل البلاد كونه يقدم نفسه زعيماً إسلامياً وقومياً عثمانياً من جهة أولى، بالإضافة لهدف أردوغان في توسيع سلطته الشعبوية خارج حدود تركيا مما يفتح الباب للعب دور يزعج حكام المنطقة بزعزعة استقرار دول الجوار.
كما أكدوا أن أدوار أردوغان الخارجية تنتعش على أزمات المنطقة، حيث عادة لا يترك فرصة مشابهة في أزمة ببلاد عربية، لاستثمارها في خطاباته لرغبته في أن يكون له دور وحصة في تلك الأزمة، وهو ما يظهر أطماع أردوغان الخارجية وعدم مصداقية طروحاته الإيجابية في المنطقة، لذلك يجب عدم الوثوق بدعوات أردوغان وأجنداته تجاه المنطقة العربية.
وقبل ساعات، شن الجيش الإسرائيلي عشرات الغارات على مناطق متفرقة في قطاع غزة، إحداها في محيط مدارس تابعة للأونروا في حي تل الهوا في غزة.
وقتلت غارة إسرائيلية على غزة استهدفت سيارة في حي الصبرة 4 فلسطينيين، وتسببت في جرح 6 آخرين، ليرتفع بذلك عدد القتلى.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، الأربعاء، ارتفاع حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي على القطاع إلى 65 شخصا، بينهم 16 طفلا و5 نساء، وإصابة 365 بجراح مختلفة.
فيما قالت وكالة الأنباء الفلسطينية إن غارة إسرائيلية استهدفت منزلا فى حى الصبرة وسط مدينة غزة، أسفرت عن استشهاد خمسة مواطنين بينهم سيدة، وإصابة ستة آخرين بجروح نقلوا على إثرها إلى مستشفى الشفاء غرب المدينة.
فيما تم إيقاف رحلات الطيران من وإلى مطار بن جوريون، وضرب خط ،”إيلات – عسقلان” النفطي، وإعلان حالة الطوارئ في مدينة اللد، في تصعيد تشهده الساحة الفلسطينية الإسرائيلية منذ أسبوعين.
ووصلت صواريخ المقاومة الفلسطينية إلى تل أبيب واللد وبئر السبع وعسقلان وأسدود، حيث أعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي ادرعي أن المقاومة في غزة أطلقت 850 صاروخا نحو إسرائيل، بينما استهدفت الغارات الإسرائيلية أكثر من 130 موقعا للفصائل الفلسطينية حتى صباح الثلاثاء.
ومن جهته، أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، منذ قليل، رفضه إقامة سلام مع إسرائيل دون القبول بالقدس عاصمة للدولة الفلسطينية، قائلا: “لا سلام دون القدس وهي عاصمة فلسطين ولا بديل عنها”.
وأضاف عباس، في اجتماع القيادة الفلسطينية، أنه “لن نقبل بالأمر الواقع الذي تريد أن تفرضه دولة الاحتلال بالقدس من خلال استهداف الوجود الفلسطيني”، مشددا على رغبة الفلسطينيين في مستقبل بلا احتلال وبلا عدوان وبلا استيطان ومستوطنين.
وأوضح أن الاجتماع يهدف لاتخاذ القرارات ودراسة وقف الاتصالات مع عدد من الجهات قد تكون من بينها الولايات المتحدة، مشيرا إلى: “وقبل الختام أقول لأميركا وإسرائيل ارحلوا عنا”.
ويندرج ذلك تحت بند تصعيد جديد في المواجهات الحالية منذ الأسبوع الماضي بين الفلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية في القدس الشرقية المحتلة بما يخالف القانون الدولي.
ومنذ الأسبوع الماضي، شهدت القدس الشرقية وباحات المسجد الأقصى، مواجهات عنيفة بين متظاهرين فلسطينيين وقوات الاحتلال، تعد هي الأشد منذ 2017، لتتأجج يوم الاثنين الماضي، حيث أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني أن أكثر من 520 فلسطينياً أصيبوا بجروح بالغة، أغلبها في أعينهم ورؤوسهم، في حين أعلنت الشرطة الإسرائيلية سقوط تسعة جرحى في صفوفها.