في وقت تتصاعد فيه التوترات بين إسرائيل وحركة حماس رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار، عاد ملف الأنفاق في غزة إلى الواجهة مجددًا بعد تصريحات حازمة من وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الذي أعلن أنه أصدر أوامر مباشرة للجيش بتدمير جميع الأنفاق في القطاع “حتى آخر نفق”. يأتي ذلك وسط ضغوط أمريكية لإيجاد مخرج إنساني لعناصر حماس المحاصرين في باطن الأرض بمدينة رفح جنوب القطاع.
أوامر إسرائيلية صارمة بتدمير الأنفاق
قال وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس في منشور على منصة “إكس” (تويتر سابقًا):
“وجهت الجيش الإسرائيلي لتدمير كل أنفاق الإرهاب في غزة حتى آخر نفق، فإذا لم تكن هناك أنفاق فلن تكون هناك حماس”.
وتعكس هذه التصريحات توجهًا متشددًا داخل الحكومة الإسرائيلية، التي ترى أن إنهاء شبكة الأنفاق يمثل مفتاح القضاء على قدرات حماس العسكرية والبنية التحتية التي تعتمد عليها منذ سنوات.
ضغوط أمريكية ومبادرة إنسانية
من جانب آخر، كشف المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف أن واشنطن تمارس ضغوطاً على تل أبيب للسماح بخروج مقاتلي حماس المحاصرين في جنوب القطاع مقابل تسليم أسلحتهم.
وتستهدف المبادرة السماح لما بين 100 إلى 200 عنصر من حماس بمغادرة الأنفاق عبر “ممر آمن”، بحيث تكون هذه الخطوة نموذجًا أوليًا لبرنامج نزع سلاح أوسع قد يشمل باقي مقاتلي الحركة في المستقبل.
أرقام متضاربة حول عدد المحاصرين
التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن نحو 200 إلى 300 مقاتل لا يزالون في شبكة الأنفاق الممتدة أسفل غزة، خصوصًا في رفح، بينما تؤكد مصادر من حماس أن العدد لا يتجاوز 100 مقاتل.
وبحسب مسؤولين عرب تحدثوا لصحيفة وول ستريت جورنال، فإن بعض هؤلاء المقاتلين يواجهون ظروفًا قاسية مع نقص الغذاء والماء، ويُعتقد أن بعضهم توفي بسبب الجوع والاختناق داخل الأنفاق.
تعقيد الموقف ورفض متبادل
كانت الولايات المتحدة قد اقترحت الأسبوع الماضي منح مقاتلي حماس في أنفاق رفح مرورًا آمنًا لمدة 24 ساعة باتجاه الخط الأصفر لتجنب تجدد الاشتباكات، إلا أن الحركة رفضت العرض بداية، ثم أبدت لاحقًا استعدادًا للنقاش.
لكن الرد الإسرائيلي جاء حاسمًا بأن “الوقت قد انتهى”، بينما شن وزراء متشددون في حكومة نتنياهو هجومًا على فكرة منح “ممر آمن” لعناصر من حماس، معتبرين أن ذلك “تنازل خطير”.
خلفية المشهد الميداني
تأتي هذه التطورات بعد اشتباكات متفرقة بين القوات الإسرائيلية ومسلحين من حماس الأسبوع الماضي، ما هدد اتفاق وقف إطلاق النار المعلن منذ العاشر من أكتوبر الماضي. وقد دفعت تلك المواجهات الولايات المتحدة للتحرك دبلوماسيًا لتفادي انهيار الهدنة الهشة في غزة.
بين الأنفاق والسياسة.. معركة لم تنتهِ بعد
تؤكد تصريحات كاتس أن إسرائيل مصممة على إنهاء ملف الأنفاق مهما كانت الكلفة، في حين تسعى واشنطن لتجنب انفجار جديد في غزة من خلال حلول إنسانية ودبلوماسية. وبين ضغوط الخارج وإصرار الداخل الإسرائيلي، يبقى مصير العالقين في باطن الأرض معلقًا، بينما يظل قطاع غزة يعيش على حافة انفجار جديد يهدد بإنهاء آخر خيوط الهدنة.

