تشهد المملكة المتحدة تزايدًا ملحوظًا في عدد القُصَّر المتورطين في قضايا مرتبطة بالإرهاب، مما يدق ناقوس الخطر حول دور الإنترنت والاضطرابات النفسية في تغذية هذا التوجه. وفي خطوة لمواجهة هذا الخطر المتنامي، أطلقت الأجهزة الأمنية البريطانية مركزًا متخصصًا للتدخل المبكر، يركِّز على فئة المراهقين والمشتبه بهم ذوي التحديات النفسية أو السلوكية المعقَّدة.
خُمس المعتقلين قُصَّر دون 17 عامًا
كشف كين مكالوم، رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية البريطانية (MI5)، أن 20% من المشتبه بهم الذين اعتُقلوا بتهم تتعلق بالإرهاب خلال العام الماضي كانوا دون سن السابعة عشرة. وأشار إلى أن هذا الرقم المقلق يتطلَّب تفكيرًا جديدًا وأساليب مبتكرة في التعامل مع الظاهرة.
الإنترنت… ساحة خصبة للتطرف
أكد مكالوم، خلال كلمته في افتتاح المركز الجديد، أن التطرف “يتكاثر في زوايا الإنترنت القذرة”، حيث تتيح المساحات الرقمية المظلمة بيئة خصبة لنشر الأفكار المتطرفة وتجنيد الفئات الأكثر هشاشة نفسيًا واجتماعيًا، مثل القُصَّر أو المصابين بأمراض ذهنية.
تشويش الدوافع وتحديات التصنيف
أوضح رئيس جهاز الأمن أن التحدي اليوم لا يكمن فقط في توقُّع الهجمات، بل في صعوبة تصنيف دوافع مرتكبيها. ففي كثير من الحوادث العنيفة، يصعب التمييز فورًا بين ما إذا كانت الجريمة عملًا إرهابيًا، أو مدفوعة بمصالح دولة، أو ناجمة عن اضطرابات نفسية، أو حتى بدوافع شخصية أو هوس فردي.
مركز متخصص للتهديدات المعقَّدة
المركز الجديد الذي افتُتح حديثًا يهدف إلى تقديم تدخلات دقيقة في الحالات التي تشمل فئات معرَّضة للخطر، خاصة القُصَّر والمصابين بأمراض عقلية. وسيضم خبراء في الطب النفسي وعلم النفس والاجتماع إلى جانب ضباط الأمن، لتقييم وتوجيه الحالات بما يقلِّل احتمالية تحوُّلها إلى تهديدات أمنية.
يشير هذا التوجه الأمني الجديد في بريطانيا إلى إدراك عميق لتعقيدات التهديدات الحديثة، التي لم تعد ترتبط بجماعات منظَّمة فقط، بل باتت تشمل أفرادًا صغار السن ينزلقون نحو العنف تحت تأثير الإنترنت والاضطرابات النفسية. ويؤكد هذا الواقع الحاجة إلى تكامل الجهود بين المؤسسات الأمنية والتعليمية والاجتماعية لمعالجة جذور التطرف قبل أن يتحوَّل إلى فعل.