تشهد الأوساط السياسية اللبنانية حالة من الترقب حول ما ستؤول إليه الجلسة المقبلة للحكومة، حيث يستعد قائد الجيش العماد رودولف هيكل لعرض خطته الرامية إلى حصر السلاح بيد الدولة، وخاصة سلاح حزب الله.
على الرغم أن المقترح يحظى بتأييد شريحة واسعة من القوى السياسية، إلا أن آلية تمريره ما تزال عالقة بين خيار الإقرار الكامل أو الاكتفاء بوضعه في خانة “أخذ العلم”.
.
التباين يعكس حجم التعقيدات التي تواجه حكومة نواف سلام، في وقت يصرّ على أن يكون الإجماع الوطني هو الضامن الوحيد لنجاح أي خطة أمنية بهذا الحجم.
موقف “الثنائي الشيعي” بين المشاركة والرفض
وزراء “الثنائي الشيعي” حركة أمل وحزب الله أكدوا مشاركتهم في الجلسة المرتقبة، لكنهم رفضوا الخوض في أي نقاش يتضمن مهلًا زمنية للتنفيذ.
وبالنسبة للثنائي، المُهل تعني ضمنًا “التوجه نحو تفكيك سلاح المقاومة”، وهو ما يعتبرونه مسألة غير قابلة للتفاوض، وهذا الموقف يضع الحكومة أمام معضلة حقيقية، إما التراجع عن بند المُهل الزمنية، أو مواجهة تعطيل سياسي قد يطيح بمشروع الخطة برمّته.
رسائل تهديد مبطنة
ولم يكتفِ حزب الله برفض البنود الزمنية، بل وجه إشارات تحذيرية مباشرة عبر قناة “المنار” ، فالحزب لوح بوقف التعاون جنوب الليطاني، إذا أصرت الحكومة على طرحها الحالي.
الرسالة لم تكن محصورة بالحكومة وحدها، بل وصلت إلى المجتمع الدولي الذي يراقب عن كثب أداء قوات “اليونيفيل” في الجنوب.
والاتهامات التي ساقها الحزب لرئيس الحكومة نواف سلام بأنه يتبنى مقاربة قد تؤدي إلى “خراب البلد” جاءت لتؤكد أن المواجهة السياسية مرشحة للتصعيد، وأن الساحة اللبنانية تدخل طوراً جديداً من التجاذب.
عقدة جنوب الليطاني
المعضلة الأكبر تبقى في جنوب الليطاني، حيث تنشط قوات “اليونيفيل” إلى جانب الجيش اللبناني، تقارير عسكرية سابقة كشفت أن الحزب لم يكن متعاوناً بالكامل مع عمليات تفتيش وتفكيك البنى التحتية العسكرية.
انفجار مخزن ذخيرة بأيدي فوج الهندسة في الجيش اللبناني العام الماضي أعاد التذكير بأن الحزب لا يسلّم كل ما لديه من مواقع أو مخازن، وأن عملية “حصر السلاح” قد تصطدم بجدار صلب من السرية والرفض.
اختبار الدولة أمام الشارع والمجتمع الدولي
إقرار الحكومة في أغسطس الماضي بمبدأ حصر السلاح بيد الدولة كان خطوة جريئة، لكنها وضعت الدولة أمام امتحان صعب. فإما أن تنجح في فرض سلطتها بالتعاون مع الجيش، وإما أن تتحول الخطة إلى ورقة ضغط جديدة في بازار السياسة اللبنانية، والمجتمع الدولي، من جهته، يراقب بترقب، إذ يعتبر تنفيذ هذه الخطة معيارًا لمدى جدية لبنان في استعادة سيادته.