في تطور جديد يعكس إصرار إسرائيل على المضي قدمًا في مسار التصعيد العسكري، توعد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الجمعة، بتدمير مدينة غزة بشكل كامل في حال لم تتخل حركة حماس عن سلاحها وتطلق جميع الرهائن المحتجزين لديها، مؤكدًا أن الحرب لن تنتهي إلا وفق الشروط التي تضعها تل أبيب.
التصريحات جاءت بالتزامن مع إعلان كاتس مصادقته على الخطط العسكرية التي أعدها الجيش الإسرائيلي لحسم المعركة ضد حماس، والتي تتضمن – بحسب ما أعلنه – استخدام “قوة نارية مكثفة، إجلاء السكان، وتنفيذ مناورات واسعة النطاق”، في إطار ما وصفه بخطة شاملة تهدف إلى “هزيمة الحركة بشكل كامل”.
وأكد كاتس عبر منشور على منصة “إكس” أن المرحلة المقبلة ستشهد تصعيدًا غير مسبوق، قائلًا: “قريبًا سوف تُفتح أبواب الجحيم على رؤوس قتلة ومغتصبي حماس، حتى يوافقوا على شروط إسرائيل لإنهاء الحرب، وهي إطلاق جميع الرهائن والتخلي عن السلاح”.
بين التصعيد العسكري وضغوط الوسطاء
وحسب وكالة رويترز تهديدات وزير الدفاع الإسرائيلي تأتي بعد أيام من تقارير تحدثت عن موافقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على مخطط عسكري يهدف إلى “احتلال غزة” بشكل كامل، مع إعطاء الأولوية لملف الرهائن، وسط استمرار المفاوضات غير المباشرة عبر وسطاء إقليميين ودوليين.
ورغم أن الوسطاء، وعلى رأسهم مصر وقطر والولايات المتحدة، يحاولون دفع الأطراف إلى اتفاق مرحلي يوقف إطلاق النار ويؤسس لمفاوضات أشمل، فإن الموقف الإسرائيلي المعلن يعكس تشدداً ملحوظاً، حيث ترفض تل أبيب أي تسوية لا تتضمن تفكيك قدرات حماس العسكرية بشكل كامل.
من جهتها، اعتبرت حركة حماس في بيانات سابقة أن الخطط الإسرائيلية “استهتار بالوسطاء وإمعان في سياسة الاحتلال”، مؤكدة أنها لن تقبل بأي اتفاق ينزع سلاح المقاومة أو يفرض وصاية إسرائيلية على القطاع.
“خطة الأرض المحروقة”
وبينما يحذر مراقبون من أن تنفيذ هذه التهديدات قد يدفع المنطقة إلى مواجهة أوسع، يرى آخرون أن التصريحات تحمل رسائل مزدوجة؛ أولها الضغط على حماس في ملف الرهائن، وثانيها محاولة طمأنة الداخل الإسرائيلي بأن الحكومة ماضية في تحقيق “النصر الكامل”، رغم الانتقادات المتصاعدة لإدارة الحرب وتداعياتها الاقتصادية والسياسية.
الخطط التي تحدث عنها كاتس تتقاطع مع ما وصفه محللون إسرائيليون بـ”خطة الأرض المحروقة”، التي تهدف إلى شل القدرات العسكرية والتنظيمية لحماس، حتى لو كان الثمن دماراً واسعاً في غزة ومعاناة إنسانية أكبر لسكانها.
وفي هذا السياق، تُثار تساؤلات جدية حول المدى الذي يمكن أن تذهب إليه إسرائيل في تطبيق هذه الاستراتيجية، في ظل الضغوط الدولية المتزايدة لوقف إطلاق النار.
مستقبل مفتوح على المجهول
في ضوء هذه التطورات، يبدو أن مسار الحرب مرشح لمزيد من التعقيد. فإسرائيل، بحسب خطاب كاتس، ترى أن أي نهاية للحرب يجب أن تفرض وفق شروطها، بينما تصر حماس على الاستمرار في المقاومة ورفض “الإملاءات”. وبين الموقفين، يبقى سكان غزة هم الحلقة الأضعف، حيث تتفاقم الكارثة الإنسانية يومًا بعد آخر.
ووفقًا لما أورده التقرير فأن تهديدات وزير الدفاع الإسرائيلي عن توجه نحو مزيد من التصعيد الميداني، مع الإبقاء على باب التفاوض مفتوحًا بشكل غير مباشر عبر الوسطاء، إلا أن مؤشرات الميدان والسياسة معًا ترجّح أن الطريق إلى “ما بعد الحرب” في غزة سيكون طويلًا، مؤلمًا، ومحفوفًا بالمفاجآت.