تتزايد الدعوات في السودان لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كـ “منظمة إرهابية”، بالتوازي مع تحرّكات دولية لاحتواء خطر الجماعة على الأمن والاستقرار، وذلك بعد أن أطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شرارة هذه الحملة أواخر مايو، بدعوته الحكومة الفرنسية لتقديم مقترحات للتعامل مع تنظيم الإخوان، استنادًا إلى تقارير استخباراتية وإعلامية حذرت من تهديدهم لـ”تماسك المجتمع الفرنسي”.
وفي سياق متصل، كشفت صحيفة “واشنطن فري بيكون” عن تحرّك داخل إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لإعادة طرح مشروع تصنيف الإخوان كـ”كيان إرهابي”، وسط سعي مشرّعين أمريكيين لعرقلة أي مصادر تمويل قد تصل إلى الجماعة في الداخل أو الخارج.
السودان في قلب المعركة ضد الإخوان
ويرى عدد من النخب السودانية، أن هذه اللحظة تشكّل فرصة تاريخية لـ تصنيف الإخوان المسلمين في السودان جماعة إرهابية، نظرًا لما وصفوه بـ”إرث الجماعة في الحكم وإشعال الحروب”.
ويُشار أن السودان الدولة الوحيدة في المنطقة التي خضعت لحكم إخواني صريح بين عامي 1989 و2019، بعد الانقلاب العسكري الذي قاده الإسلاميون ضد حكومة جعفر نميري المنتخبة ديمقراطيًا.
ورغم سقوطهم إثر ثورة شعبية، فإن الجماعة عادت إلى المشهد بقوة، حيث عقدت تحالفًا عسكريًا جديدًا في أبريل 2023 مع قيادة حكومة بورتسودان، وأسهمت ميليشياتها في تأجيج الحرب الأهلية.
قيادات سودانية تطالب بعزل الإخوان دوليًا
وفي هذا السياق، صرّح الوزير والقيادي في تحالف “صمود”، خالد عمر يوسف، بأن “أجندة الإخوان عمّقت الانقسام وقادت إلى جرائم إبادة، وما تزال تشعل الحرب وتُطيل أمدها”، مؤكدًا أن تصنيف الجماعة كإرهابية “خطوة ضرورية لإعادة الاستقرار إلى السودان”.
أما وزير العدل السابق نصر الدين عبد الباري، فقد شدد على ضرورة التصنيف، معتبرًا أن “الإخوان أسهموا في بناء أجهزة القمع، وكانوا عاملًا محوريًا في إشعال الحرب الأخيرة التي بدأت في 15 أبريل 2023”، كما أشار إلى علاقات الجماعة القديمة بشبكات الإرهاب العالمي، مطالبًا بتفكيك إرثهم عبر خطوات قانونية دولية.
جرائم الإخوان في السودان.. سجل طويل من العنف
وامتدّ حكم الإخوان في السودان لثلاثة عقود (1989 – 2019)، تخلّلها انتهاكات جسيمة، منها الاعتقال والتعذيب والاغتيالات خارج القانون، وركزت تقارير دولية حينها على العلاقات المشبوهة بين نظام البشير والتنظيمات الإرهابية، لدرجة أن السودان استضاف بين عامي 1992 و1996 شخصيات بارزة في القاعدة مثل: أسامة بن لادن وأيمن الظواهري؛ ما أدى إلى تصنيفه كدولة راعية للإرهاب.
ووجهت إلى نظام البشير اتهامات بالتورط في مؤامرات إرهابية استهدفت سفارات أمريكية في كينيا وتنزانيا، إضافة إلى محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995.
ميليشيات الإخوان تُشعل الحرب السودانية الحالية
ومنذ اندلاع الحرب الأهلية السودانية في أبريل 2023، لعبت الميليشيات الإخوانية دورًا داميًا في تمديد الصراع، خصوصًا تلك التي تدين بالولاء لحكومة بورتسودان.
ومن أبرز هذه الفصائل: “كتيبة البراء بن مالك”، “البرق الخاطف”، و”البنيان المرصوص”، والتي ارتكبت انتهاكات خطيرة بحق المدنيين، بينها جرائم قتل جماعي وتهجير قسري، دفعت منظمات دولية إلى التحذير من استنساخ ممارسات تنظيم داعش الإرهابي في السودان.
مواجهة الخطر الإخواني في السودان
وفي ظل تصاعد الضغوط الدولية على الإخوان المسلمين، يرى كثير من السودانيين أن تصنيف الجماعة كـ”منظمة إرهابية” لم يعد خيارًا، بل ضرورة وطنية وأمنية ملحة.
كما يعتقد العديد من السودانيين أن توحيد الجهود المحلية والدولية ضد الإخوان هو السبيل لإغلاق صفحة مظلمة من تاريخ السودان، ومنع إعادة إنتاج نموذج العنف والاستبداد الذي شكّل سمة حكم الجماعة لعقود.
ولن يتحقق الاستقرار في السودان ما لم يُحاسب الفاعلون عن الجرائم الموثقة، ويُجفف الدعم السياسي والمالي للإخوان، من الداخل والخارج على السواء.