أثارت قضية ترحيل عشرات السوريين من لبنان أزمات وردود أفعال دولية عديدة، إذ لاحقتها الملفات المتعلقة باللجوء السوري والعمالة وارتفاع أعداد المقيمين السوريين في لبنان ما تسبب في حساسيات كثيرة، لتداعياتها الاقتصادية والديموغرافية والأمنية.وهو ما ارتبط بأساليب عنصرية، وتشكل مادة دسمة للتراشق السياسي اللبناني الداخلي، وشن الحملات المتبادلة على جبهتي حقوق الإنسان من جهة والأمن القومي اللبناني من جهة أخرى.لذا وجهت عدة منظمات حقوقية وإنسانية على انتقاد ما وصفته بعمليات الترحيل القسري والتعسفي للاجئين السوريين من قِبل السلطات اللبنانية.وكانت مصادر عسكرية وأمنية لبنانية تحدثت عن ترحيل أكثر من خمسين سورياً في نحو أسبوعين، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن هذه المصادر أن “عددا من اللاجئين ممن تم ترحيلهم عادوا إلى لبنان بمساعدة مهربين”.واكتفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التي تعنى بهذا الملف بالقول: إنها “تراقب الوضع عن كثب وتواصل الدعوة إلى احترام مبادئ القانون الدولي وضمان حماية اللاجئين في لبنان من الإعادة القسرية”.وأوضح وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هيكتور حجار أن الجيش اللبناني والقوى الأمنية جميعها عليها أن تطبق القانون وخاصة في موضوع الأمن القومي، نافيا أن يكون هناك علاقة لهذا الموضوع باللاجئين، مضيفا أنه “إذا أخلّ اللاجئ بالأمن، نتعاطى معه وفق مقتضيات القانون الدولي ويجب التمييز بين اللاجئ وبين المخلّ بالأمن”.وعزا الوزير تفاقم الأعمال المخلّة بالأمن في الآونة الأخيرة إلى دخول سوريين خلسة إلى لبنان عبر المعابر غير الشرعية وبدون أية أوراق قانونية.وكشف عن أن هناك تقارير أمنية بآلاف التعديات في الأشهر الثلاثة الأخيرة، مضيفا أن هناك “أكثر من 40 في المئة من نزلاء السجون اللبنانية هم من السوريين”، مشيرا إلى أنه لا موازنة لدى لبنان لإطعامهم، ويجب تسليم المخلّين بالأمن إلى بلادهم لإكمال محكومياتهم”.ودعا لجان اللاجئين السوريين والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين لاتخاذ موقف واضح من تطبيق القانون، معتبرا أن البوصلة اليوم هي العمل على العودة الآمنة والسريعة للاجئين السوريين إلى بلادهم.ووفق تقديرات محلية ودولية فإن نحو مليون ونصف المليون سوري يعيشون في لبنان، ويبلغ عدد المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نحو ثمانمائة ألف لاجئ سوري، حيث كانت الخطط الحكومية تهدف إلى إعادة خمسة عشر ألف لاجئ شهريا إلى بلادهم، ونظم الأمن العام اللبناني ما سمّاها برحلات العودة الطوعية، التي كانت موضع انتقاد من المنظمات الدولية ووصفتها بالعودة القسرية.وفي المواقف المحلية، استنكر الحزب التقدمي الاشتراكي عملية الترحيل، وطالب في بيان له المؤسسات والأجهزة العسكرية والأمنية والحكومة بالالتزام التام بموجبات مبادئ حقوق الإنسان التي يكرسها الدستور اللبناني والقوانين الدولية.وأكد الحزب التقدمي الاشتراكي على العودة الطوعية والآمنة للنازحين السوريين “بانتظار الحل السياسي الذي يجب أن يشمل ملف اللاجئين بشكل واضح”.ويتزامن ذلك، مع ما كشفته وثائق مقدمة لمحكمة فرنسية أن ممثلي الادعاء الفرنسي أبلغوا حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أنهم يعتزمون توجيه اتهامات مبدئية له بالتزوير وغسل الأموال تستند جزئيا إلى مزاعم عن تزوير كشوف حسابات مصرفية لإخفاء ثروته.وتم توجيه الاتهام باستخدام كشوف حسابات مصرفية مزورة، والذي لم يكشف عنه من قبل، في وثائق أرسلتها السلطات القضائية الفرنسية إلى سلامة قبل جلسة من المقرر عقدها بفرنسا في 16 مايو أيار.ويعتزم ممثلو الادعاء الفرنسي خلال تلك الجلسة توجيه الاتهامات المبدئية لسلامة وتسميته رسميا بالمتهم.بينما رفض سلامة التعليق على مزاعم استخدامه وثائق مزورة، ونفى مرارا اتهامات له بالتزوير وغسل الأموال، قائلا: إنه تحول لكبش فداء للمسؤولين عن الأزمة المالية التي تفجرت في لبنان عام 2019.وفي إطار تحقيق مشترك مع ممثلي الادعاء في لبنان وأربع دول أوروبية أخرى على الأقل، يشتبه المدعون الفرنسيون في أن سلامة (72 عاما) قد تواطأ مع شقيقه رجا لتحويل أكثر من 300 مليون دولار من الأموال العامة واستخدم بعضها في شراء عقارات في جميع أنحاء أوروبا، ونفى رياض ورجا سلامة قيامهما بتحويل أي أموال عامة.ويشتبه محققون فرنسيون وأوروبيون آخرون استجوبوا سلامة الشهر الماضي في بيروت في أن الجزء الأكبر من ثروته مصدره الأموال العامة التي يُقال: إنه حوَّلها إلى حسابه.