ذات صلة

جمع

رفض بشكل غير مسبوق.. لماذا يتعنت البرهان في عودة مفاوضات السودان مع الدعم السريع؟

مع تجاوز الأزمة السودانية عامها الأول وفشل محاولات الوصول...

سرايا الأشتر.. من هو التنظيم الإرهابي الذي استهدف قاعدة...

تفشي وباء الكوليرا في اليمن.. ومطالبات بإعلان حالة الطوارئ

في كارثة صحية جديدة تضرب اليمن تضاف لأسوأ أزمة...

مأزق دبلوماسي صعب.. إسرائيل بين اختيارين: رفح أو العلاقات العربية

بينما تستعد إسرائيل لتنفيذ خطتها في اجتياح مدينة رفح...

تقدم إيجابي في مفاوضات هدنة غزة بالقاهرة

منذ أن بدأت حرب قطاع غزة ما بين إسرائيل...

زلزال تركيا المدمر يضع سلطة أردوغان على المحكّ.. هل ينجح بالانتخابات المقبلة؟

منذ ٩ فبراير، تعيش تركيا وضعا مأساويا إثر الزلزال المدمر الذي ألحق دمارا هائلاً في جنوب البلاد وتسبب في مصرع ملايين الأشخاص، ولم يكتف بذلك بل أظهر أيضا محدودية سلطة مركزية دفع باتجاهها الرئيس رجب طيب أردوغان.

وتسبب الزلزال المدمر في اكتشاف الأتراك بمرارة أن فرق الإغاثة والإنقاذ احتاجت إلى عدة أيام للوصول إلى مركز الكارثة مع ناجين تركوا لتدبرهم أمرهم وهم يحاولون انتشال أقارب لهم من تحت الأنقاض بأيديهم وسط البرد الصقيعي من دون مساعدات أو مؤن.

ولم ترسل تعزيزات للجيش التركي النافذ على الفور إذ إن الحكومة سعيا منها للاحتفاظ بزمام الأمور، فضلت تكليف عمليات الإغاثة إلى الهيئة العامة لإدارة الكوارث (آفاد) التي عجزت عن استيعاب الوضع أمام هول الدمار، وفقا لموقع أحوال التركي.

ومن المرجح أن تخيم الأسابيع المقبلة التي ستشهد انتشال الجثث وإزالة الأنقاض على فترة الإعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في 14 مايو والتي تشكل بالفعل أصعب تحدٍّ للرئيس رجب طيب أردوغان في عقدين قضاهما في السلطة.

لذا أقر الرئيس رجب طيب أردوغان بوجود “ثغرات” في تنظيم عمليات الإغاثة عازيا ذلك إلى قوة الزلزال الهائلة (7.8 درجة في منطقة حضرية وخلال الليل)، مؤكدا أن ما من طرف آخر كان ليقوم بالمهمة أفضل من ذلك.

وانتشلت أكثر من 36 ألف جثة من بين الأنقاض مع مرور 11 يوما على الزلزال وهذه الحصيلة مرشحة للارتفاع بل إنها قد تتضاعف بحسب الأمم المتحدة، ويوضح هتاف روجان المستشار في إدارة الكوارث في الدنمارك الذي يتابع شؤون تركيا عن كثب أن “المركزية تطال كل المؤسسات في تركيا بما يشمل تلك التي لا ينبغي أبدا أن تعمل بشكل مركزي مثل آفاد”.

ويرى هذا الخبير أن هذه المركزية المفرطة للسلطة عرقلت إيصال المساعدات إلى أكثر المناطق تضررا وأحيانا وصول الفرق الأجنبية. وحاولت السلطات إزاحة كل الأطراف الأخرى عن الأرض، ويؤكد روجان أنه “من أجل إدارة فاعلة لعمليات الإغاثة يجب على العكس تفويض فرق محلية بوسائل محلية”.

وتحفل وسائل التواصل الاجتماعي بشهادات كثير من المتطوعين الذين تهافتوا لمساعدة مواطنيهم واضطروا إلى الانتظار للحصول على تصاريح وتجهيزات تأخر وصولها، واضطر مشغلو رافعات اقترحوا تقديم المساعدة الضرورية جدا لعمليات الإنقاذ إلى انتظار موافقة هيئة ‘آفاد’ للتحرك.

وأثارت جمعية ‘أحباب’ التي أسسها المطرب التركي الشهير خلوق ليفنت وبلديات تديرها المعارضة راغبة بمد يد المساعدة، غضب الحكومة لأنها نظمت مساعدات بطريقة مستقلة، وحذر وزير الداخلية التركي سليمان صويلو بالقول “ستتخذ الإجراءات اللازمة في حق من يحاول منافسة الدولة”،واتهم دولت بهجلي زعيم حزب الحركة القومية المتطرف وعضو في الائتلاف الحاكم، هذه الأطراف بالسعي إلى “إظهار الدولة على أنها عاجزة”.

وذكرت وسائل الإعلام التركية أن حملة إعلانية بعنوان “كارثة العصر” هدفت إلى إقناع الأتراك بأن الثغرات يبررها حجم الكارثة، وقد سحبت الحملة الإعلانية هذه التي أعدتها وكالة مقربة من السلطة بعد انتقادات واسعة لها.

وقال زعيم حزب المعارضة الرئيسي كمال كيليتجدار أوغلو “لا يوجد أي تنسيق. لقد تأخروا في أكثر الساعات دقة وحرجا. عجزهم كلف عشرات آلاف مواطنينا حياتهم”، فيما رأى أردوغان أن هذه الانتقادات هي “افتراء ومعلومات مضللة للحط من قدر الجهود المبذولة بتفان”، ويتوقع أن يتواجه الرجلان في الانتخابات الرئاسية المقبلة في حال بقي موعدها في 14 مايو.

وفي العام 1999، بعد زلزال ضرب شمال غرب البلاد ندد الصحافي التركي الشهير محمد علي بيراند بهزالة إدارة عمليات الإنقاذ وكتب يومها “تركيا التي كانت تعتد بعظمتها ونفوذها بدت كأنها نمر من ورق”، وأكدت السلطات بعد ذلك أنها استخلصت العبر من هذا الفشل وعززت تنظيم عمليات الإغاثة والإنقاذ، لذا لا شك في أن ذلك يشكل اختبارا سياسيا لأردوغان قبل الانتخابات المقبلة”.

وعلى الصعيد الاقتصاد، ضرب الزلزال أوضاع البلاد أيضا، إذ نشر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية تقريراً تضمن أن التداعيات الاقتصادية المحتملة للزلزال القوي الذي ضرب تركيا قد تسفر عن انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 1% هذا العام.

ومن ناحيتها، ذكرت بياتا يفورتشيك كبيرة الخبراء الاقتصاديين بالبنك لرويترز: “أثر الزلزال إلى حد كبير على مناطق زراعية ومناطق تضم صناعات تحويلية خفيفة، لذلك فإن تداعياته على القطاعات الأخرى محدودة”.

وتم تعديل توقعات النمو في تركيا، أكبر متلقٍ للتمويل من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، بالانخفاض إلى ثلاثة بالمئة من 3.5 بالمئة في 2023 بدون حساب تأثير الزلزال في هذه التقديرات، وسجلت الليرة التركية انخفاضا قياسيا جديدا أمس الأربعاء.

فيما قدر اتحاد الشركات والأعمال في تركيا، حجم خسائر الزلزال بنحو 84 مليار دولار، متوقعا ارتفاع عجز الموازنة من 3.5% إلى 5.4% على الأقل، وكانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، قد توقعت أن تتجاوز الخسائر الاقتصادية جراء الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا “ملياري دولار” و”قد تبلغ 4 مليارات دولار أو أكثر”.

ومن المتوقع أن تلحق الزلازل أضرارا بالإنتاج في المناطق المنكوبة التي تمثل 9.3% من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا، وأظهرت بيانات بورصة الطاقة في إسطنبول تراجع استخدام الكهرباء في تركيا بنسبة 11% يوم الاثنين مقارنة بالأسبوع السابق بما يعكس حجم تأثر الاستهلاك، ومن شأن هذه الأضرار أن تؤثر على النمو الاقتصادي هذا العام.

وتعرضت تركيا وسوريا المجاورة لزلزال مدمر في السادس من فبراير أودى بحياة أكثر من 41 ألفا وترك الملايين في حاجة لمساعدات إنسانية، إذ ظل الكثير من الناجين مشردين في درجات حرارة تقترب من الصفر.

وجراء الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا، تشير البوادر الأولية إلى أن الخسائر المادية تقدر بالمليارات، إذ أفاد اتحاد الشركات والأعمال في تركيا بأن حجم الأضرار يقدر بأكثر من 84 مليار دولار، أو ما يناهز 10% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

كما رجح أن تكون الهزتان الأرضيتان البالغة قوتهما 7.7 و7.6 درجة على مقياس ريختر، قد تسببتا في دمار مبانٍ سكنية بحوالي 70.8 مليار دولار، إلى جانب 10.4 مليار دولار أخرى في صورة خسارة في الدخل القومي، وتوقع الاتحاد ارتفاع عجز الموازنة إلى 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي في 2023 مقابل التقديرات الرسمية البالغة 3.5%.

وأظهرت الحسابات الأولية لـ”بلومبرغ إيكونوميكس”، بشكل منفصل أنَّ التكاليف المرتبطة بالكارثة، بما فيها جهود إعادة البناء، قد تقترب من 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وستخفض النمو الاقتصادي بنقطتين مئويتين هذا العام، إذ إن الحكومة ستضطر للقيام بجهود إعادة إعمار ضخمة قبل انتخابات حاسمة.

spot_img