خطط عديدة ومحاولات متشابكة يسعى من خلالها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتعديل الأوضاع في بلاده وخلط الأوراق لأجل الانتخابات الرئاسية المرتقبة خوفا من خسارتها، لذا يحشد جميع أذرعه لتحقيق هدفه وتحسين أوضاعه لدرجة تقديم موعد الاستحقاق الانتخابي.
وهو ما ظهر مجددا من خلال إعلان أردوغان موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ملمحا إلى أنه سيكون في 14 مايو بدلا من يونيو، في خطوة يبدو أنها استباقا لاتفاق المعارضة على مرشح موحد خاصة تحالف الست أو ما يعرف إعلاميا بـ ‘طاولة الستة’ والتي تضم حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة وحزبين يقودهما أحمد داود أوغلو وعلي باباجان اللذان انشقا عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، وثلاثة أحزاب أخرى.
ولم يتوصل هذا الائتلاف الذي يريد خوض الانتخابات في جبهة موحدة ضد أردوغان إلى اختيار مرشحه وسط تباينات في وجهات النظر، بينما يشكل قرار الرئيس التركي بتقديم موعد الانتخابات محاولة لإرباك خصومه، وفقا لموقع “أحوال” التركي.
وسيكون موعد الانتخابات عقب انتهاء شهر رمضان، لكن أردوغان لم يحدد تاريخا دقيقا للاستحقاق الانتخابي، إلّا أنه لمّح إلى أنها ستجري بعد “73 عاما” على فوز الحزب الديمقراطي في عام 1950. ويبدأ شهر رمضان هذا العام في 23 مارس وينتهي في 21 أبريل.
وفي 14 مايو 1950، فاز الحزب الديمقراطي الذي أسسه في عام 1946 عدنان مندريس وأنصاره المنشقّون عن حزب مصطفى كمال أتاتورك في الانتخابات قبل أن يُطاح به بعد عشرة أعوام في انقلاب عسكري، ولطالما شبّه أردوغان نفسه بمندريس الذي أقيل لفترة من رئاسة بلدية اسطنبول وأودع السجن فترة قصيرة في تسعينيات القرن الماضي.
ويُعدّ تحديد الرابع عشر من مايو موعدا للانتخابات العامة رسالة موجّهة إلى شريحة الناخبين المحافظين، بينما أشار صحافيون أتراك إلى أسباب دعت لاتّخاذ خيار تقريب الموعد، بينها الاقتصاد المتدهور والعطل المدرسية وامتحانات دخول الجامعات المقرّرة في يونيو.
والأربعاء قال أردوغان خلال اجتماع لنواب حزبه العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ: إن مندريس “قال في 14 مايو 1950: كفى، الشعب سيقول كلمته. وحقق الفوز في صناديق الاقتراع”.
وقال في تصريحات متلفزة “ستوجّه أمّتنا ردّها على تحالف طاولة الستة (المعارض) في اليوم نفسه بعد 73 عاما”.
وأصبح أردوغان رئيسا للوزراء في العام 2003، قبل أن يعدّل الدستور ويصبح “رئيسا” مُنتخبا بالاقتراع العام في العام 2014 وأجرى لاحقا في 2017 تعديلات دستورية وسعت صلاحياته التنفيذية، بينما أعلنت المعارضة نيتها العودة إلى النظام البرلماني في حال الفوز.
و’طاولة الستة’ تحالف يضم ستة أحزاب تركية تسعى لقطع طريق الرئاسة أمام أردوغان. ووحده حزب الشعوب الديمقراطي لم ينضمّ إلى التحالف.
ومع قرب موعد الانتخابات، تقوّض الأزمة الاقتصادية والتضخم الذي تخطى 85 بالمئة العام الماضي قبل أن يتراجع إلى نحو 60 بالمئة (وفق الأرقام الرسمية)، شعبية الرئيس التركي، لكن تحالف المعارضة لم يعلن بعد مرشّحا موحدا على الرغم من مشاورات داخلية تجرى منذ عام، كما لم يعلن برنامجه.
ويُنظر إلى رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو البالغ 52 عاما، على أنه مرشح جدي للمعارضة بعد أن انتزع من يد حزب العدالة والتنمية أغنى وأبرز مدينة في تركيا في مايو 2019؟ لكن صدور حكم بالحبس سنتين بحقه ومنعه من العمل السياسي قلّص حظوظه، وفق مراقبين كثر. وقد طعن في قرار إدانته بـ”إهانة” أعضاء هيئة الانتخابات التي كانت قد أبطلت فوزه الأول ثم صادقت على فوزه في اقتراع ثان.
بينما زعيم حزب الشعب الجمهوري العلماني كمال كيليتشدار أوغلو (74 عاما) لا يزال يعتبر الأوفر حظا ليكون مرشحا أوحد للمعارضة، إلا أنه لم ينجح بعد في إقناع شركائه في التحالف بأنه المرشح الأمثل لمقارعة أردوغان.
وفي تغريدة اعتبر الصحافي قدري غورسيل أن “لا خيار آخر لطاولة الستة سوى تسمية مرشحها الأوحد في أسرع وقت ممكن ودعمه بكامل تنظيماتها وقدراتها”.
من جهته كتب الخبير الاقتصادي في الأسواق الناشئة تيموثي آش أن “الاستطلاعات تظهر أن المعارضة في الصدارة، لكن يبدو أن أردوغان استعاد الزخم” خصوصا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا خاصة وأنه يبذل جهود وساطة لحلحلة النزاع، مضيفا “لا أستبعد أبدا إمكانية فوز أردوغان في استحقاق انتخابي”.