بعد أعوام من التجاهل والاستنكار وشن حملات تشويه عالمية ونشر الأكاذيب والمساعي الشرسة لدحض الحقائق، خالف أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني كل أحاديثه وتصريحاته السابقة بشأن ثورة ٣٠ يونيو المصرية التي أطاحت بالحكم الإخواني المدعوم من قطر؛ إذ هنأ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بذكرى الثورة، ما يثير تساؤلات عديدة عن أسباب تراجعه عن موقفه.
على مدار يومي الجمعة والسبت، زار تميم بن حمد القاهرة لأول مرة منذ الثورة؛ إذ استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي السبت، بقصر الاتحادية الأمير تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمي، وتم عزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف، في أول زيارة بعد أعوام من القطيعة أنهتها قمة العلا بالسعودية.
وخلال اللقاء، تقدم تميم بن حمد بالشكر للرئيس السيسي على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، متقدمًا بالتهنئة إلى الرئيس بمناسبة قرب الاحتفال بذكرى ثورة 30 يونيو، ومعربًا عن تقدير بلاده لمصر قيادةً وشعبًا، خاصةً في ظل دورها المحوري في خدمة القضايا العربية وجهودها لتعزيز التضامن العربي على كل الأصعدة، وكذلك السياسة الحكيمة التي تتبعها مصر بقيادة الرئيس على جميع الأصعدة الداخلية والإقليمية والدولية.
وأكد أمير دولة قطر حرص بلاده على استمرار الخطوات المتبادلة بهدف دفع وتعزيز مختلف آليات التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين خلال الفترة المقبلة، من خلال تعظيم الاستثمارات القطرية في مصر واستغلال الفرص الاستثمارية العريضة المتاحة، مثمنًا في هذا الإطار إسهام الجالية المصرية في عملية البناء والتنمية في دولة قطر في مختلف المجالات.
تعد تلك التصريحات القطرية خاصة فيما يتعلق بالتهنئة بذكرى الثورة المصرية مثيرة للجدل السياسي بشدة؛ إذ إنه من المعروف دعم وتمويل تميم للإخوان وباستماته بعد ثوره يونيو، وهو ما سبق أن صرح به علنيا في العديد من المحافل المحلية والعالمية، ليتراجع عن كل ذلك ويرتمي في أحضان الرباعي العربي حاليا ويسير في خطرات سريعة نحو تحسين العلاقات معهم، فهل تخلى عن الإخوان تماما؟ وأيضا لماذا صمتت الجماعة عن التعليق نهائيا؟.
وتعليقا على ذلك، أكد عدد من الخبراء المطلعين على الشأن العربي، أن زيارة أمير قطر للقاهرة تعد اعترافا رسميا بالنظام المصري الذي سبق أن شكك في مشروعيته؛ ما يشكل صدمة كبرى لقيادات الجماعة الإرهابية، وبمثابة محاولة للتخلي عن الدعم القطري للإخوان، كما أنه يحد من افتراء الجماعة الإرهابية على القاهرة ويكشف كذبهم للعالم أجمع.
وتابع الخبراء المطلعون على الشأن العربي: إن تلك التهنئة تعتبر دليلا على فشل ادعاءات قطر على مدار الأعوام الماضية، وتأكدها منذ البداية بعدم أحقية تلك الأكاذيب التي كان يتم الترويج لها، فضلا عن مساعيها المضنية للتقارب مع مصر بعد ثبوت قوتها وتأثيرها في المنطقة، لتكون محاولة جادة للتقارب وتنازل حقيقي عن تلك الشائعات وردا للحق المصري.
وأضاف الخبراء: أن الإخوان يحاولون حاليا استغلال ذلك التقارب بين مصر وقطر لأجل الوصول لاتفاقيات بشأن الإفراج عن بعض قيادات التنظيم وسط مزاعم عن عدم مشاركتهم في أي أعمال عنف مسلحة، وأيضا تخفيف الضغط الأمني عليهم.
ويرون أن ذلك التقارب سيوقف تمويل التنظيم الإرهابي، خاصة أن زيارة أمير قطر بزيارة أكدت هزيمة التنظيم؛ ما شكل صدمة بين الإخوان الهاربين لذا لم يتمكنوا من التعليق على الأمر، ما يرجح دخولهم في مرحلة الوفاة الإكلينيكية.