ذات صلة

جمع

خلف ستار الحقوق.. هل تشهد تونس موجة جديدة من تضييق الخناق على الجمعيات؟

عادت قضية الجمعيات في تونس إلى واجهة الجدل السياسي...

مناطق أمنية أم توسع استراتيجي؟ جدل عقيدة القوة الإسرائيلية

تتحرك إسرائيل في محيطها الإقليمي بوتيرة متسارعة، مدفوعة بعقيدة...

من الهامش إلى القلب.. لماذا يختار ترامب تطويق الإخوان من الأطراف؟

أعاد الأمر التنفيذي الأخير الصادر عن إدارة دونالد ترامب...

بين طاولات التفاوض وزنازين القمع.. الحوثي يناور بملف المختطفين

رغم انخراط مليشيات الحوثي في جولة جديدة من المشاورات...

رسائل من الشارع.. هل تشعل القيروان موجة احتجاجات واسعة في المدن الداخلية التونسية؟

تشهد مدينة القيروان، إحدى أبرز مدن الداخل التونسي، حراكًا...

من الهامش إلى القلب.. لماذا يختار ترامب تطويق الإخوان من الأطراف؟

أعاد الأمر التنفيذي الأخير الصادر عن إدارة دونالد ترامب ملف جماعة الإخوان المسلمين إلى واجهة الجدل السياسي في واشنطن، لكن هذه المرة بمقاربة مختلفة لا تستهدف التنظيم كعنوان شامل، بل تلاحق أطرافه الأكثر انكشافًا.
هذا التحول لا يبدو عابرًا، بل يعكس قراءة أميركية متراكمة لطبيعة الجماعة، وبنيتها المرنة، وقدرتها على التكيف مع الضغوط والحظر المباشر.

تنظيم بلا مركز صلب

على خلاف التنظيمات الهرمية التقليدية، لا تعمل جماعة الإخوان وفق بنية مركزية صلبة يمكن إسقاطها بضربة واحدة؛ فالتنظيم، الذي تأسس قبل نحو قرن، أعاد إنتاج نفسه مرارًا، متحولًا من كيان منضبط القيادة إلى شبكة واسعة من الفروع شبه المستقلة، تجمعها مرجعية فكرية واحدة، لكن تفصل بينها اعتبارات الواقع السياسي المحلي.

هذا التشظي البنيوي جعل التعامل مع الإخوان كتنظيم واحد مهمة معقدة قانونيًا وسياسيًا، وفتح الباب أمام استراتيجيات بديلة تركز على الفروع الأكثر تورطًا في العنف أو الارتباط بالجماعات المسلحة.

نهج انتقائي بدل المواجهة الشاملة

اختيار واشنطن البدء من الأطراف يعكس قناعة بأن المواجهة الشاملة قد تمنح الجماعة فرصة جديدة لإعادة التموضع، عبر استغلال المساحات الرمادية بين العمل السياسي والاجتماعي والدعوي. في المقابل، يسمح النهج الانتقائي بتجفيف منابع الخطر الأكثر وضوحًا، من دون الدخول في معارك قانونية طويلة حول توصيف الجماعة ككل.

هذا المسار يتيح تصنيف فروع بعينها وفق معايير الإرهاب المعمول بها، ويفتح الباب أمام استخدام أدوات قانونية قائمة، قادرة على شل الحركة المالية والتنظيمية لتلك الفروع، وضرب قدرتها على التنسيق العابر للحدود.

التحولات بعد السابع من أكتوبر

كشفت تطورات ما بعد السابع من أكتوبر عن تغيرات جوهرية داخل بعض فروع الإخوان، حيث تراجعت الخطوط الفاصلة بين العمل السياسي والعمل المسلح، وبرز تقارب متزايد مع حركات راديكالية، خصوصًا في ساحات تشهد احتكاكًا مباشرًا مع الصراع الإقليمي.
هذا التقارب لم يبقَ في إطار الخطاب، بل انعكس في سلوك ميداني، ونشاط تعبوي، ومحاولات لمد جسور الدعم اللوجستي والمالي، ما جعل بعض الفروع أكثر عرضة للاستهداف، وأكثر صعوبة في الدفاع عنها سياسيًا داخل الغرب.

وتدرك واشنطن أن قوة الإخوان لا تكمن فقط في قياداتها المعلنة، بل في شبكة معقدة من الجمعيات والمؤسسات والمنصات الإعلامية، التي تؤمن لها التمويل والانتشار والقدرة على التأثير. لذلك، فإن استهداف الأطراف يشكل مدخلًا لتفكيك هذه الشبكات تدريجيًا، عبر ملاحقة حلقاتها الأضعف أو الأكثر تورطًا.

هذا الأسلوب يقلص قدرة الجماعة على استخدام خطاب المظلومية، ويضعها أمام استنزاف بطيء لكنه فعّال، يحد من حركتها، ويكشف تداخل العمل الدعوي مع الأجندات السياسية والأمنية.

والرهان الأميركي لا يقوم على ضربة قاضية سريعة، بل على استراتيجية تراكمية تُضعف الجماعة خطوة بعد أخرى، وتمنعها من إعادة إنتاج نفسها بسهولة. فالإخوان، وفق هذه القراءة، تنظيم صبور، يعمل بمنطق الزمن الطويل، ولا يمكن مواجهته إلا باستراتيجية مماثلة في النفس والامتداد.