من يمسك فعليًا بمفاتيح القرار الأمني في صنعاء؟.. تساؤل لم يعد نظريًا، بل أصبح واقعًا ينعكس على بنية ميليشيات الحوثي وتوازناتها الداخلية، وسط تزايد الحديث عن صراع الأجنحة الذي تغذّيه وتوجهه طهران بما يخدم أجندتها الإقليمية.
ما هو بداية الصراع الخفي؟
وقالت مصادر: إن غياب عبد الملك الحوثي سواء كان فعليًا أو ضمن تكتيك أمني خلق فراغًا قياديًا غير مسبوق، فالرجل الذي مثّل المرجعية العليا لجماعة الحوثي لعقود، كان عنصر توازن بين الأجنحة المختلفة التي تتنازع اليوم السيطرة على أجهزة الأمن والاستخبارات.
حيث تتقاطع تقارير استخباراتية وإعلامية تشير إلى انقسامات متنامية بين جناحين رئيسيين منها جناح “مهدي المشاط” المدعوم مباشرة من الدائرة الإيرانية عبر الحرس الثوري، وجناح “محمد علي الحوثي” الذي يحظى بتأييد قبلي واسع ويسعى إلى تعزيز موقعه في مؤسسات الدولة والميدان الأمني.
ما هو الدور الإيراني؟
وكشفت المصادر، أن طهران تعتمد في تعاملها مع الحوثيين على مبدأ إدارة التناقضات لا حلّها، فاستراتيجية الحرس الثوري الإيراني تقوم على تقسيم النفوذ بين قيادات متعددة لضمان الولاء الجماعي وعدم تمرد أي جناح.
وتشير المصادر، إلى أن المستشارين الإيرانيين في صنعاء يلعبون دورًا محوريًا في إعادة تشكيل البنية الأمنية، بما يضمن أن تبقى مفاتيح القرار بيد طهران حتى في حال غياب عبد الملك الحوثي أو صعود قيادة جديدة.
المشهد الأمني والعسكري
وقالت المصادر: إن جناح المشاط، المقرّب من الإيرانيين، يحاول إحكام السيطرة على وحدات الأمن الوقائي والاستخبارات العسكرية، بينما يسعى محمد علي الحوثي إلى بناء شبكة أمنية موازية من الموالين في المحافظات الشمالية، هذا المشهد يعيد إلى الأذهان سيناريوهات الصراع بين الفصائل الشيعية في العراق بعد مقتل قاسم سليماني، حيث استخدمت طهران الانقسام الداخلي كوسيلة لإعادة ترتيب الولاءات وضبط المشهد بما يخدم مصالحها.
ما هي سيناريوهات ما بعد عبد الملك الحوثي؟
وترى المصادر، أن إيران تسعى لتثبيت نموذج شبيه بمجلس القيادة بحيث يتم توزيع المهام بين المشاط والحوثي وبعض القيادات العسكرية، لتجنب انفراد أحدهم بالسلطة، هذا السيناريو يضمن بقاء النفوذ الإيراني لكنه يضعف فاعلية القرار وفي حال فشل التوازن، قد تتجه الجماعة نحو صراع داخلي علني بين الجناحين، خصوصًا إذا شعر أحد الأطراف بدعم قبلي أو خارجي كافٍ، وهذا السيناريو قد يؤدي إلى انهيار المنظومة الأمنية أو انقسامها إلى أجهزة متصارعة.
أما عن سيناريو “الوصاية الإيرانية الكاملة” وفق المصادر وهو الأرجح حاليًا، حيث تبقى طهران على وضع الزعيم الغائب لتواصل إدارة القرار عبر قادة أمنيين مرتبطين بها مباشرة، فيتحول الحوثيون من حركة محلية ذات قيادة مستقلة إلى ذراع إيرانية خالصة تتحرك وفق تعليمات الحرس الثوري.
مستقبل غامض برعاية إيرانية
وقالت المصادر: إن ما بعد عبد الملك الحوثي يبدو مشهدًا غامضًا ومفتوحًا على كل الاحتمالات، لكن المؤكد أن إيران تلعب الدور الأبرز في رسم ملامحه، فهي لا تسعى إلى بناء قيادة مستقلة، بل إلى إدارة صراع الأجنحة بما يضمن استمرار تبعية الجماعة لنفوذها.

