تشهد الساحة السودانية منذ سنوات سلسلة من التحولات العميقة التي أعادت تشكيل المشهد السياسي والاجتماعي، لا سيما بعد سقوط نظام عمر البشير في عام 2019، الذي مثل امتدادًا لحكم جماعة الإخوان الإرهابية بأدوات محلية.
وقالت مصادر إنه على الرغم من محاولات جماعة الإخوان العودة إلى الواجهة عبر التحالفات أو التغلغل داخل مؤسسات الدولة، فإن إخفاقاتها المتكررة وانكشاف مشروعها الفكري والتنظيمي قدّما دروسًا مهمة يجب أن تستوعبها القوى المدنية الطامحة لبناء دولة مدنية حديثة تقوم على المواطنة، لا الولاءات الأيديولوجية.
إخفاقات الإخوان في السودان
وأوضحت المصادر أن من أبرز إخفاقات جماعة الإخوان الإرهابية في السودان اعتمادهم على سياسة التمكين، التي سعت إلى احتكار مؤسسات الدولة عبر الولاءات التنظيمية لا الكفاءة، فقد تم تفكيك الخدمة المدنية والقضاء والمؤسسة العسكرية لصالح أعضاء الحركة الإسلامية، وهو ما أضعف الدولة وأفقدها الحياد المهني.
وأكدت المصادر أنه يجب على القوى المدنية أن تدرك أن أي محاولة لبناء نظام جديد على ذات الأسس الإقصائية ستقود حتمًا إلى الانهيار، والدرس الأهم هنا هو أن الدولة الحديثة لا تُدار بالعقيدة، بل بالكفاءة والشفافية والمساءلة، وأن الشرعية تُبنى من خلال الأداء والعدالة لا من خلال الشعارات الدينية أو الثورية.
ما هو سبب الانهيار الشعبي؟
وكشفت المصادر أنه من أخطر إخفاقات الإخوان بالسودان أنهم ركزوا على السيطرة الأيديولوجية متجاهلين الملفات الاقتصادية والمعيشية، فخلال حكمهم انهارت منظومة الإنتاج، وتفشى الفساد، وتدهورت البنية التحتية والخدمات العامة، ما جعل المواطن السوداني يدفع الثمن الأكبر. والقوى المدنية ينبغي أن تتعلم أن الشرعية السياسية لا تستمر إلا بتوفير حياة كريمة للمواطنين.
كيف فشل الإخوان في بناء تحالفات وطنية مستقرة؟
وأكدت المصادر أن جماعة الإخوان في السودان تميل إلى التحالفات التكتيكية المؤقتة، التي سرعان ما تنهار عند أول اختبار، فقد استغلوا القوى الأخرى للوصول إلى السلطة ثم أقصوها لاحقًا، مما جعلهم معزولين سياسيًا وشعبيًا. أما القوى المدنية، فعليها أن تبني تحالفاتها على أساس البرامج المشتركة لا المصالح اللحظية.
الإخوان في السودان.. تجربة سياسية فاشلة
واختتمت المصادر أن إخفاقات الإخوان الإرهابية في السودان لا تمثل مجرد تجربة سياسية فاشلة، بل هي مرآة تكشف ما يجب تجنبه في أي مشروع وطني مستقبلي، فالقوى المدنية اليوم أمام اختبار تاريخي: إما أن تعيد إنتاج أخطاء الماضي عبر الصراعات الإقصائية، أو أن تتجاوزها ببناء مشروع وطني جامع يقوم على المواطنة، العدالة، والشفافية.
وقالت إن السودان لا يحتاج إلى شعارات أيديولوجية جديدة، بل إلى عقد اجتماعي جديد يضع الإنسان أولًا، ويعيد الثقة بين الدولة والمجتمع.

