تشهد تونس جدلًا متصاعدًا حول قرارات الرئيس قيس سعيّد في توظيف ملف “مكافحة التمويل الأجنبي” كأداة سياسية تستهدف خصومه ومعارضيه.
وقالت المصادر: إن أحد أبرز المحاور هو ملف “تمويل الخارج” للمجتمع المدني والأحزاب، حيث تتهم السلطات بعض المنظمات بأنها تعمل بأجندات أجنبية، وهو ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان هذا الاستخدام لأدوات التمويل الخارجي يخدم حقًا الإصلاح أم أنه يتحوّل إلى وسيلة لقمع المعارضين.
التحوّل السياسي والقانوني
ففي 25 يوليو 2021، أطلق قيس سعيّد سلسلة قرارات استثنائية أفضت عمليًا إلى تجميد البرلمان، وإقالة رئيس الحكومة، وفرض إدارة حكومية بقرارات مباشرة بدلاً من المسارات التقليدية للمساءلة. و في هذا السياق، بدأت السلطات التونسية تشنّ هجومًا تصاعديًا على المجتمع المدني، مستخدمة خطاباً يُحمّل المنظمات التي تتلقى تمويلاً أجنبيًا مسؤولية ما تعتبره “تدخلاً في السيادة الوطنية”.
المجتمع المدني في مرمى المراقبة
وأوضحت مصادر، أنه ما يزيد الشكوك هو أن مشروع القانون الجديد يمنح السلطات سلطة مطلقة تقريبًا في رفض أو الموافقة على التمويل الخارجي لأي جمعية، فهناك مخاوف من أن تصبح مراقبة التمويل الأجنبي أداة لترويج فكرة “من يعمل بتمويل خارجي فهو عدو للثورة أو الوطن”.
ما هي مخاطر تنسيق القانون والقضاء مع السلطة التنفيذية؟
وأشارت المصادر، أن أحد أهم المخاطر أن القانون أو الإجراءات التي تستند إلى التمويل الخارجي تُنفّذ في بيئة قضائية يحكمها الرئيس مباشرة أو بنفوذ كبير له.
ووفق المصادر، أن الهيئة القضائية التي تنظر في قضايا الفساد أو التمويل لا تُعدّ مستقلة تمامًا؛ مما يجعل الأحكام ضد الخصوم السياسيين مشوبة بشبهة التسييس.
ما هي السيناريوهات المقبلة؟
وأكدت المصادر، أن هناك ثلاثة سيناريوهات ممكنة، منها: أن تستمر السلطات في استهداف المعارضين بحجة التمويل الخارجي، ويتم تشديد القانون على المنظمات والحزبيين؛ مما يؤدي إلى مزيد من العزلة الدولية لتونس وتراجع الحريات، وأن تُستخدَم أداة التمويل الخارجي بشكل فعلي لمحاربة الفساد، مع ضمان استقلال القضاء والشفافية، ما قد يؤدي إلى انتعاش المجتمع المدني وثقة أوسع.
يذكر، أنه في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، وتراجع الحريات، قد يُفضي الأمر إلى انفجار احتجاجي أو مواجهة بين السلطة والمعارضة أو المجتمع المدني، كما حذّرت بعض المصادر.
وبحسب المصادر تبدو معركة مكافحة التمويل الأجنبي في تونس أبعد من مجرد خطوة إصلاحية، إذ تتقاطع فيها الأبعاد السياسية والقضائية مع رغبة السلطة في إحكام السيطرة على المجال العام.

