برز العراق كأهم محطة جديدة لإدارة وتحريك “حقائب الكاش” التي تُغذي خزائن حزب الله، بعد أن كانت تصل سابقًا من طهران عبر مطار بيروت أو المعابر السورية.
وكشفت مصادر أن الحزب تمكّن من ابتكار طرق غير تقليدية لإدخال الأموال إلى لبنان، في وقت تتزايد فيه القيود الغربية على شبكات التمويل المرتبطة به وبإيران.
كيف تبدّل مسار “الكاش” من إيران إلى العراق؟
وأكدت المصادر أنه على مدى سنوات شكّل التمويل الإيراني المصدر الرئيسي لقوة حزب الله العسكرية واللوجستية، لكن الحرب الإسرائيلية الأخيرة وما تبعها من دمار واسع في الجنوب اللبناني، والعقوبات المتزايدة على طهران، أدّيا إلى تجفيف قنوات الدعم المالي المباشر.
وقالت المصادر إن طهران قلّصت إرسال الأموال النقدية عبر مطار بيروت أو الطرق السورية بسبب الرقابة المشددة، لتتحوّل عملية التمويل تدريجيًا نحو العراق الذي أصبح، وفق تلك المصادر، شريان الكاش الجديد للحزب.
وأوضحت المصادر أن القدرات المالية لحزب الله تراجعت بشدة بعد الحرب، إلا أن تدفق الأموال لم يتوقف نهائيًا.
شبكات مالية
ووفق المصادر، فإن حزب الله يعتمد كذلك على شركات تحويل الأموال التي تعمل خارج الأطر القانونية، بعضها مرتبط بشركات أمريكية لها وكلاء لبنانيون.
وقالت إن هذه الشركات سبق أن استُخدمت في عمليات تبييض أموال وتمويل ميليشيات في العراق، كما أن الحزب يدير جزءًا من أمواله داخل السوق اللبنانية عبر هذه الشركات، بما يضمن تدفق السيولة دون المرور بالنظام المصرفي الخاضع للعقوبات.
كيف يبتلع اقتصاد الكاش الاقتصادَ الرسمي؟
تشير التقديرات اللبنانية إلى أن الكتلة النقدية المتداولة داخل لبنان تتراوح بين 14 و15 مليار دولار نقدًا، في حين لا يتجاوز حجم الاقتصاد الرسمي نحو 22 مليار دولار.
وهذا يعني، بحسب المصادر، أن اقتصاد الكاش بات يوازي تقريبًا ضعف ونصف حجم الاقتصاد الشرعي، ما يمنح حزب الله فرصة مثالية للتحرك بحرية ضمن منظومة مالية غير خاضعة للضرائب أو للرقابة المصرفية.
ويستفيد الحزب من هذا الاقتصاد الموازي في تمويل عملياته العسكرية والسياسية، إضافة إلى تمويل شبكاته الاجتماعية والخدماتية داخل بيئته الحاضنة.
العراق.. القلب النابض لشبكة تمويل حزب الله
وأشارت المصادر إلى أنه في ظل الانهيار الاقتصادي اللبناني واستمرار العقوبات على إيران، يبدو أن حقائب الكاش العراقية ستظل، لوقت طويل، المنقذ المالي للحزب، ما لم تُفعّل الجهات الدولية آليات رقابية أكثر صرامة على حركة الأموال في المنطقة.

