توُاصل ميليشيات الحوثي الإرهابية ممارساتها التي تكشف انغماسها العميق في المشروع الإيراني، بعيدًا عن قضايا اليمنيين ومعاناتهم اليومية.
وأظهرت المواكب التي نظمتها الميليشيات في كربلاء بالعراق مدى الارتهان المطلق لطهران، بما يتجاوز البعد السياسي والعسكري، ليصل إلى فرض طقوس مذهبية دخيلة على هوية المجتمع اليمني وتاريخه العريق.
هذه المشاهد لم تمر مرور الكرام في الداخل اليمني، حيث اعتبرت انعكاسًا لمحاولات محمومة لاقتلاع البلاد من جذورها العربية، وإلحاقها بمخطط فارسي توسعي يهدف إلى تغيير وجه اليمن.
نهب الموارد لتمويل الطقوس
في الوقت الذي يعيش فيه ملايين اليمنيين تحت خط الفقر، وتنهار مؤسسات الدولة بفعل الحرب والانقلاب، توجه مليشيات الحوثي أموال البلاد المنهوبة نحو تمويل طقوس مذهبية خارج الحدود.
التقارير الميدانية تُشير إلى أن عوائد الجبايات والضرائب المفروضة على المواطنين والتجار، إلى جانب الأموال المصادرة من صناديق الدولة، يتم استنزافها لتغطية تكاليف هذه الأنشطة في العراق ولبنان وإيران.
هذا النهج يعكس الأولوية الحقيقية للميليشيات، التي لم تعد تخفي انحيازها التام لمشروع عابر للحدود، على حساب أمن اليمن واستقراره ومستقبل شعبه.
هوية على المحك
محاولات فرض طقوس كربلاء في المشهد اليمني ليست مجرد ممارسات عابرة، بل جزء من عملية منظمة تستهدف تغيير هوية المجتمع وثقافته الراسخة، عبر التاريخ، عرف اليمنيون بإسلامهم الوسطي المعتدل، بعيداً عن الغلو والتطرف، بينما تسعى الميليشيات إلى إحلال طقوس دخيلة، غريبة عن العادات والتقاليد المحلية.
خطورة هذا المسار تكمن في تهديد النسيج الاجتماعي، وإشعال نزاعات مذهبية لم يعرفها اليمن من قبل، بما ينذر بتفكك اللحمة الوطنية وضياع الموروث الحضاري المتماسك الذي شكل حصانة للمجتمع عبر قرون.
مشروع سياسي بواجهة دينية
رغم أن الميليشيات تُحاول تقديم ممارساتها باعتبارها طقوسًا دينية أو مذهبية، فإن خلفياتها تكشف عن مشروع سياسي واسع المدى.
الهدف ليس نشر الشعائر فحسب، بل استخدام الدين كأداة لتكريس النفوذ الإيراني وتثبيت أقدام طهران في خاصرة الجزيرة العربية، تحويل اليمن إلى ساحة لتصدير أجندات إقليمية يفتح الباب أمام مزيد من الصراعات الداخلية والإقليمية، ويجعل البلاد رهينة لمعادلات جيوسياسية لا مصلحة لليمنيين فيها.
معركة هوية ووجود
الصراع مع ميليشيات الحوثي لم يعد مجرد خلاف سياسي أو عسكري، بل تحول إلى معركة هوية وانتماء، ففي مواجهة مشروع يهدف إلى اقتلاع اليمن من محيطه العربي وتحويله إلى أداة فارسية، يتشبث اليمنيون بقيمهم وعاداتهم وموروثهم الحضاري، الوعي الشعبي أصبح خط الدفاع الأول، والصمود المجتمعي يشكل الحاجز الأهم أمام محاولات تغيير ملامح البلاد.
ما يجري اليوم يضع اليمن أمام مفترق طرق مصيري: إما استعادة الدولة ومؤسساتها وسيادتها، أو الاستسلام لمسار يجعل اليمنيين غرباء في وطنهم، يعيشون على أنقاض قيمهم وتاريخهم.