ذات صلة

جمع

مصادر تكشف: محادثات غير مباشرة بين دمشق وتل أبيب.. ووفد سوري زار إسرائيل سرًّا

في خطوة تُعدّ الأولى من نوعها منذ اندلاع الأزمة السورية، أعلن الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، عن إجراء مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل عبر وسطاء، بهدف تهدئة الأوضاع المتوترة على الحدود الجنوبية، وذلك خلال زيارته الرسمية إلى فرنسا. زيارة باريس: هل هي انفتاح دبلوماسي أم مناورة سياسية؟وتزامن ذلك، مع وصول الرئيس الشرع إلى باريس في زيارة رسمية، حيث التقى بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وتمحورت المحادثات حول دعم فرنسا لإعادة إعمار سوريا، ورفع العقوبات الأوروبية، وتعزيز الاستقرار الإقليمي. وأكد الشرع خلال اللقاء التزام حكومته بـ”سوريا موحدة، مستقلة، تحترم جميع مكوناتها”. إسرائيل توسّع تدخلها في سوريا باسم “حماية الدروز”وفي تصعيد لافت، شنّت إسرائيل غارات جوية استهدفت مواقع قريبة من القصر الرئاسي في دمشق، وذلك في 2 مايو الجاري، مُعلنة أن الهدف هو “منع تهديدات ضد الطائفة الدرزية” في سوريا. وأفادت تقارير بأن هذه الضربات جاءت بعد اشتباكات دامية بين فصائل درزية وقوات موالية للحكومة في جنوب البلاد، مما أسفر عن مقتل العشرات.وفد سوري يزور تل أبيب سرًّاوفي تطور غير مسبوق، كشفت مصادر دبلوماسية عن زيارة وفد سوري إلى تل أبيب بشكل سري، بهدف التفاوض حول تهدئة التوترات على الحدود الجنوبية، خاصة في المناطق ذات الأغلبية الدرزية. ورغم عدم الإعلان الرسمي عن هذه الزيارة، إلا أن مراقبين يرون فيها محاولة من دمشق لفتح قنوات اتصال مباشرة مع إسرائيل، بعيدًا عن الوساطات التقليدية.الشرع يناور بين التهدئة والضغط الدوليويرى محللون أن الشرع يسعى من خلال هذه التحركات إلى كسب دعم دولي لحكومته الانتقالية، وتخفيف الضغوط الإقليمية، خاصة في ظل تصاعد التوترات مع إسرائيل. ويشير المراقبون إلى أن الشرع يحاول تقديم نفسه كشريك موثوق في تحقيق الاستقرار، مع الحفاظ على موقفه الرافض للتدخلات الخارجية في الشأن السوري.ما مستقبل العلاقات السورية – الإسرائيلية؟وبينما تُعدّ هذه التطورات مؤشرات على احتمال حدوث تقارب بين دمشق وتل أبيب، إلا أن الطريق لا يزال محفوفًا بالتحديات، خاصة في ظل الرفض الشعبي لأي تطبيع مع إسرائيل، واستمرار التوترات في المناطق الجنوبية. ويبقى السؤال مفتوحًا حول مدى قدرة الشرع على تحقيق توازن بين التهدئة مع إسرائيل والحفاظ على الدعم الداخلي لحكومته.خلافات متصاعدة بعد سقوط الأسدومنذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في أوائل عام 2025، دخلت العلاقات السورية – الإسرائيلية مرحلة توتر جديدة، رغم غياب العداء العلني الذي اتسمت به السنوات الأخيرة من حكم الأسد، فقد اعتبرت تل أبيب صعود أحمد الشرع إلى السلطة تهديدًا محتملًا، خاصة في ظل مواقفه التي وصفتها مصادر إسرائيلية بـ”العدائية المباشرة”، وتصريحاته المتكررة عن “استعادة الجولان بالوسائل كافة، إن فشلت الدبلوماسية”.ورغم اللهجة التوافقية التي يستخدمها الشرع في زياراته الخارجية، إلا أنه وخلال خطاب له أمام مجلس الشورى الانتقالي في دمشق قبل أسبوعين، لوّح بأن “سوريا الجديدة لن تتسامح مع الاحتلال ولا مع التجاوزات على السيادة الوطنية”، وهو ما اعتُبر بمثابة رسالة موجهة إلى إسرائيل، خاصة بعد الغارات المتكررة التي طالت العاصمة ومحيطها.ونقلت مصادر أمنية في تل أبيب للصحافة العبرية أن هناك خشية من أن يعيد الشرع بناء شبكات مقاومة جنوب سوريا، سواء بإشراف مباشر من دمشق أو بالتنسيق مع مجموعات محلية. كما تشير التقديرات الاستخباراتية إلى أن الشرع، خلافًا للأسد، لا يرى فائدة في “الصمت الاستراتيجي” تجاه إسرائيل، ما يفتح الباب أمام احتمال نشوب تصعيد مستقبلي، خصوصًا إذا ما تكررت الغارات أو تدخلت تل أبيب بشكل مباشر في شؤون الطائفة الدرزية، هذه الخلافات تعزز من تعقيد العلاقة بين الطرفين، وتدفع بملف التهدئة إلى مفترق طرق بين الانفراج المؤقت أو التصعيد طويل الأمد.الدروز بين التقارب مع إسرائيل والولاء للدولة السوريةفيما تُعد العلاقة بين الطائفة الدرزية في سوريا وإسرائيل من أكثر الملفات حساسية وتعقيدًا في المشهد السوري – الإسرائيلي، فمعظم دروز سوريا، خاصة في محافظة السويداء، حافظوا على ولائهم للدولة السورية رغم تحفظهم على سياسات نظام الأسد، ورفضوا الالتحاق بالمجموعات المسلحة التي نشطت خلال سنوات الحرب.لكن في السنوات الأخيرة، ومع تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية، برزت دعوات من بعض القيادات الدرزية المحلية للبحث عن “ضمانات خارجية لحماية المجتمع الدرزي”، وهو ما استغلته إسرائيل إعلاميًا، مقدمة نفسها كـ”ضامن لحقوق الدروز”، خاصة بعد تصاعد التوتر بين الدروز وقوات الأمن السوري في الجنوب.وأشارت مصادر استخباراتية إلى أن إسرائيل أجرت اتصالات غير رسمية مع وجهاء دروز من سوريا، بهدف تشكيل مجموعات محلية حليفة على غرار ما حدث في الجولان المحتل، وهو ما أثار غضب دمشق، ودفع الشرع مؤخرًا إلى تحذير إسرائيل من “اللعب بالنار داخل النسيج الوطني السوري”.ورغم أن غالبية القيادات الدينية والاجتماعية الدرزية في سوريا أعلنت رفضها القاطع لأي تدخل خارجي، فإن وجود قنوات اتصال مع إسرائيل لا يمكن إنكاره، ما يجعل الطائفة عرضة للانقسام بين من يرى ضرورة التنسيق لحماية الذات، ومن يتمسك بالانتماء للدولة السورية مهما كانت التحديات.

spot_img