تشهد العلاقات بين الهند وباكستان تصعيدًا جديدًا منذ مطلع مايو الجاري، وذلك بعد هجوم إرهابي وقع في منطقة بهلغام في كشمير الهندية في 23 أبريل، وأسفر عن مقتل 27 شخصًا معظمهم من السياح الهنود، حيث تبنّت جماعة “ذا ريزستنس فرونت” الهجوم، وهي جماعة يُعتقد أنها ترتبط بجماعات مسلحة باكستانية مثل: “لشكر طيبة” و”جيش محمد”.
وفي 7 مايو، شنت القوات الجوية الهندية عملية عسكرية أطلقت عليها اسم “عملية سندور”، استهدفت تسعة مواقع داخل كشمير الباكستانية ومقاطعة البنجاب، باستخدام طائرات رافال وصواريخ SCALP، أسفرت الغارات عن مقتل ما لا يقل عن 31 مدنيًا، حسب الرواية الباكستانية، وأثارت موجة غضب رسمي وشعبي في إسلام آباد، التي وصفت الهجوم بأنه “عدوان مباشر يستدعي الرد”.
القدرات البرية
ومع الاشتباكات المتكررة بين الطرفين والمخاوف من اشتعال المنطقة مجددًا بالحرب، اتجهت الأنظار إلى الجيشين الهندي والباكستاني لمعرفة قدراتهما وقوتهما في مواجهة بعضهما البعض، وهي ما سنستعرضه في هذا التقرير.
تتفوق الهند عدديًا من حيث عدد الجنود النظاميين، إذ تمتلك قرابة 1.45 مليون جندي نشط، إضافة إلى أكثر من مليون جندي في الاحتياط، أما باكستان، فتمتلك نحو 654 ألف جندي نشط، ونصف مليون جندي احتياطي.
وعلى صعيد الدبابات، لدى الهند أكثر من 4,000 دبابة، بينما تمتلك باكستان ما يزيد عن 3,700 دبابة، ومع ذلك، تتفوق باكستان في المدفعية الذاتية الحركة وراجمات الصواريخ، ما يعزز قدراتها في ساحات القتال البرية، خاصة في المناطق الحدودية المتوترة.
القدرات الجوية
وفيما يتعلق بالقوة الجوية، تملك الهند أكثر من 2,600 طائرة، من بينها طائرات قتالية حديثة مثل: “رافال” الفرنسية و”سوخوي Su-30MKI” الروسية.
وفي المقابل، تمتلك باكستان نحو 1,500 طائرة، وتستند قوتها الجوية إلى طائرات “JF-17 Thunder” الصينية الباكستانية المشتركة، بالإضافة إلى “J-10C” الصينية و”F-16” الأمريكية.
ورغم أن الهند تتفوق عدديًا ونوعيًا، فإن باكستان كثّفت في السنوات الأخيرة من تطوير قدراتها في الطائرات بدون طيار القتالية، والتي باتت تشكل عنصرًا استراتيجيًا في المواجهات غير التقليدية.
القوة البحرية
بينما تُعد الهند القوة البحرية الأقوى بين البلدين، إذ تمتلك أسطولًا يضم ما يقارب 287 قطعة بحرية، من ضمنها حاملتا طائرات، وعدد كبير من المدمرات والغواصات النووية.
أما باكستان، فأسطولها أصغر بكثير، ويضم نحو 96 قطعة بحرية، بينها 8 غواصات وفرقاطات، من دون حاملات طائرات أو مدمرات ثقيلة، وتُعد الهيمنة البحرية الهندية عاملاً حاسمًا في السيطرة على المحيط الهندي وخليج البنغال.
القدرات النووية والصاروخية
يمتلك البلدان ترسانة نووية متقاربة نسبيًا، حيث تقدر الهند بحوزتها بين 130 و140 رأسًا نوويًا، بينما تملك باكستان ما بين 140 و150 رأسًا.
وعلى صعيد الصواريخ الباليستية، تمتلك الهند منظومات “أغني” (Agni) القادرة على الوصول إلى مدى 5,000 كيلومتر، بينما تعتمد باكستان على صواريخ “شاهين-2” التي يصل مداها إلى 2,000 كيلومتر.
وتكمن الخطورة هنا في أن الطرفين يمتلكان وسائل إطلاق نووية برية وجوية وبحرية، وهو ما يُعرف بـ”ثالوث الردع النووي”.
الميزانية والتحديث العسكري
رغم أن باكستان تخصص حوالي 4% من ناتجها المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي، فإن ميزانيتها لا تتجاوز 10.4 مليار دولار سنويًا.
وفي المقابل، تبلغ ميزانية الدفاع الهندية نحو 74 مليار دولار، أي أكثر من سبعة أضعاف نظيرتها الباكستانية، ما يتيح لها تمويل برامج تسليح وتحديث واسعة تشمل الذكاء الاصطناعي والطائرات الشبحية والغواصات النووية.
الترتيب العسكري العالمي
وفق تصنيف “غلوبال فاير باور” لعام 2025، تحتل الهند المرتبة الرابعة عالميًا من حيث القوة العسكرية الشاملة، في حين تأتي باكستان في المرتبة الثانية عشرة. ويعكس هذا الترتيب التفوق الهندي في الحجم، والقدرات اللوجستية، والتكنولوجيا العسكرية.
المواجهة بين الجيشين
رغم أن الهند تتفوق على باكستان في معظم جوانب القوة العسكرية، إلا أن الردع النووي المتبادل يجعل من أي صراع شامل بينهما مكلفًا وخطيرًا للغاية.
وتواصل باكستان الاعتماد على استراتيجيات حرب غير متكافئة، بما في ذلك الجماعات غير النظامية والطائرات بدون طيار، بينما تركز الهند على التفوق التكنولوجي والتوسع الإقليمي البحري.
لذا يؤكد التصعيد الأخير هشاشة الاستقرار في جنوب آسيا، خاصة في ظل استمرار التوتر حول كشمير؛ مما يجعل من الضروري وجود وساطة دولية وضمانات ردع متبادلة لتفادي الانزلاق إلى حرب واسعة النطاق.