في ظل تصاعد المخاوف الأمنية في أوروبا، كشفت وثيقة سرية صادرة عن وزارة الداخلية الفرنسية عن تفاصيل خطيرة حول نشاط جماعة “الإخوان المسلمين”، التي تصنفها العديد من الدول كمنظمة إرهابية.
التقرير، الذي تسربت أجزاء منه لصحيفة لوبينيون الفرنسية، يكشف استراتيجية منهجية لتغلغل الجماعة في مفاصل المجتمع الفرنسي، مستخدمةً شبكة معقدة من المساجد والمؤسسات التعليمية والجمعيات الواجهة لتحقيق أهدافها .
“اختراق ناعم”.. كيف يعمل الإخوان؟
وصفت الوثيقة الجماعة بأنها تعتمد أسلوب “الاختراق الناعم”، وهو نهج يتجنب المواجهة المباشرة مع السلطات، ويستبدلها بسياسة التدرج في التأثير.
وفقًا للتقرير، تمتلك الجماعة ما بين 130 إلى 140 مسجدًا في فرنسا، إضافة إلى مؤسسات تعليمية مثل ثانوية “ابن رشد” في ليل وثانوية “الكندي” قرب ليون، والتي أُغلقت بعد اكتشاف صلتها الوثيقة بأجندة الجماعة.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل امتد نشاط الجماعة إلى منظمات مثل “اللجنة المناهضة للإسلاموفوبيا في فرنسا” (CCIF)، التي حُظرت رسميًا لكنها لا تزال تعمل من خارج البلاد عبر بلجيكا.
التقرير أشار أيضًا إلى “معهد التكوين” في شاتو شينون، الذي يُشتبه في استخدامه كمركز لتلقين الأئمة أفكار الجماعة قبل إرسالهم إلى المساجد الفرنسية .
تمويل مشبوه.. من يدعم الجماعة؟
كشف التقرير عن وجود “شبكات تمويل معقدة” تعتمد على تدفقات مالية من خارج فرنسا، بعضها يأتي عبر منظمات خيرية تُظهر نشاطًا اجتماعيًا بينما تُخفي دعمها لأنشطة الجماعة.
كما رصدت الوثيقة تحركات مالية مشبوهة لعدد من الجمعيات الرياضية والثقافية، التي تعمل كواجهة لجمع التبرعات وتجنيد الأعضاء .
وزير الداخلية الفرنسي، “برونو ريتايو”، حذر في تصريح صريح من أن “الإخوان يتسللون إلى كل مكان”، مؤكدًا أن هدفهم النهائي هو “فرض التطرف الديني على المجتمع الفرنسي”.
وأضاف أن الجماعة تعمل بصمت، دون مظاهر خارجية مثل اللحى أو الجلابيب، مما يجعل كشفها أكثر صعوبة .
مع اقتراب الانتخابات البلدية لعام 2026، دعت وزارة الداخلية المحافظين إلى تعزيز المراقبة، محذرةً من محاولات الجماعة التأثير على تشكيل القوائم الانتخابية في مناطق ذات كثافة مسلمة.
التقرير أشار إلى أن الإخوان يسعون لخلق “مجتمعات موازية” منغلقة على نفسها، وهو ما اعتبرته السلطات تهديدًا مباشرًا للنموذج الجمهوري الفرنسي .
هل يمكن وقف التمدد؟
رغم الإجراءات الفرنسية الصارمة، يعترف التقرير بأن مواجهة الجماعة ليست سهلة، خاصةً مع اعتمادها على أيديولوجيا قابلة للانتشار دون الحاجة إلى هيكل تنظيمي مرئي.