شهدت الساحة السورية تطورًا جديدًا مع بدء إيران في إجلاء مسؤوليها وقواتها العسكرية من سوريا، في خطوة تُعد مؤشرًا على تراجع دور طهران في دعم نظام بشار الأسد، وفقاً لتقارير إعلامية، وتأتي هذه التطورات وسط تصاعد هجمات الفصائل المسلحة، التي حققت مكاسب ميدانية سريعة في مناطق استراتيجية مثل حلب وحماة.
عمليات الإجلاء شملت قادة من “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى عناصر من لواء “فاطميون” الأفغاني، الذين تم نقلهم إلى مواقع في دمشق واللاذقية، وأفادت مصادر بأن السفارة الإيرانية في دمشق وبعض القواعد العسكرية شهدت تخفيضًا في نشاطها، مع نقل موظفيها إلى لبنان والعراق عبر الطرق البرية والجوية.
- عوامل وأسباب الانسحاب الإيراني
تعود أسباب الانسحاب الإيراني إلى عوامل متعددة، أبرزها ضعف أداء الجيش السوري في مواجهة هجمات المعارضة المسلحة، التي تهدد بالوصول إلى مراكز حيوية مثل حمص ودمشق، كما أن إيران تواجه ضغوطاً داخلية وإقليمية، تجعل استمرار دعمها العسكري لسوريا تحدياً كبيراً، حسبما أفادت صحيفة إيران إنترناشونال.
ويشير خبراء أن انسحاب إيران قد يكون له تداعيات استراتيجية كبيرة على الساحة السورية والإقليمية، فمن جهة، قد يُضعف هذا الانسحاب موقف نظام الأسد ويمنح المعارضة فرصًا أكبر لتحقيق مكاسب ميدانية، ومن جهة أخرى، يُضعف نفوذ إيران في سوريا؛ مما يؤثر على قدرتها على دعم حزب الله في لبنان وضمان استمرارية طريق إمداداته.
وفي طهران، انتقد مسؤولون برلمانيون هذا الانسحاب، محذرين من عواقبه على المصالح الإيرانية، كما عبّر بعضهم عن قلقهم من فقدان سوريا كحليف استراتيجي، مؤكدين أن تراجع الدور الإيراني قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة تمتد إلى لبنان والعراق، وربما إلى الداخل الإيراني نفسه.
وفي الأثناء، انتقد أحمد نادري، النائب عن طهران في البرلمان الإيراني، التقاعس الإيراني تجاه التطورات في سوريا، وكتب: “سوريا على وشك السقوط ونحن نشاهد بدم بارد. إذا سقطت دمشق، سنفقد لبنان والعراق أيضًا، وسنضطر إلى مواجهة العدو عند حدودنا. قدمنا الكثير من الدماء للحفاظ على سوريا، ولا أفهم هذا الصمت، لكنه ليس في صالح البلاد. يجب التحرك قبل فوات الأوان.”
ومن جانبه، قال عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، في مقابلة تلفزيونية مع قناة “الشرقية” أمس الجمعة – تعليقًا على الوضع في سوريا-: “الأمور تعتمد على القضاء والقدر”، مضيفًا: “نحن لسنا عرافين ولا يمكننا التنبؤ بما سيحدث، فقط ما يقدّره الله سيحدث المقاومة تؤدي واجبها.”
تصاعد التوترات الإقليمية والدولية
وقال أستاذ العلوم السياسية الدولية طارق فهمي: يأتي هذا التطور في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والدولية المرتبطة بالملف السوري.
وأضاف – في تصريحات لـ ملفات عربية-، في الوقت الذي تعيد فيه إيران تقييم وجودها العسكري، تعمل قوى إقليمية أخرى على تعزيز نفوذها في المشهد السوري، مما يعكس تغيرًا محتملاً في موازين القوى.