تصاعد مخيف للأحداث والتهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران منذ قصف الأولى لمبنى قنصلية طهران في دمشق التي قتل فيها قيادي إيراني بارز، لتتصاعد التهديدات الانتقامية من مسئولي نظامي الملالي والتي يبدو أنها أثارت مخاوف تل أبيب ودقت ناقوس الحرب.
يوم الاثنين الماضي، استهدفت إسرائيل مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق ما أدى إلى مقتل نحو 13 شخصًا، بينهم اثنان من الضباط الإيرانيين و5 مستشارين عسكريين في الحرس الثوري، أبرزهم محمد رضا زاهدي القائد البارز في فليق القدس.
ثار الغضب الإيراني الجم منذ ذلك اليوم، استغل المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي منصة “إكس” لتوجيه تهديدات قوية لإسرائيل باللغة العبرية وقال إن إسرائيل “ستندم بإذن الله على جريمة اعتدائها على القنصلية الإيرانية في دمشق”، ثم عاد ليغرد مجددًا في تدوينة أخرى، قال فيها: إن إسرائيل “ستتلقى صفعة” على استهدافها للقنصلية الإيرانية في العاصمة السورية، مؤكدًا أن إيران سترد على الضربة.
وقال خامنئي – في كلمة حضرها مسؤولون كبار في طهران-: “هزائم الكيان الصهيوني في غزة ستستمر والكيان الغاصب يمضي نحو الزوال والانهيار”، مضيفًا: “محاولاته المستميتة بما في ذلك تحركه الأخير في سوريا لن تغيثه من تلك الهزائم”، مضيفًا “لا شك، هؤلاء المجرمون سوف يتلقون الصفعة على تلك الخطوة”، وفق ما نقلت عنه وكالة “إرنا” بالعربية.
وسرعان ما أفادت وسائل إعلامية بأن تل أبيب تستعد أمنيًا للرد الإيراني على الضربة التي استهدفت القنصلية في دمشق، متوقعة أن تكون طهران أبلغت حزب الله بالرد على الضربة، وفق زعمهم.
كما اتخذت إسرائيل عدة إجراءات مشددة تحسبا للرد الإيراني، إذ أغلقت ما يصل إلى 28 ممثلية دبلوماسية حول العالم، بينها الممثليات في مصر والبحرين والأردن والمغرب وأنقرة وإسطنبول وتركمانستان.
وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أنه تم إعلان حالة التأهب القصوى في جميع سفارات إسرائيل حول العالم في أعقاب تصاعد الحرب واستهداف إسرائيلي لمسؤولين بارزين في الحرس الثوري الإيراني في دمشق، إذ أن القرار اتخذ بعد التشاور بين شعبة الأمن التابعة للخارجية الإسرائيلية، وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك).
أما صحيفة معاريف فقالت إنه في بعض المواقع، طُلب من موظفي السفارات الإسرائيلية عدم الحضور إلى العمل في الأيام المقبلة، وذكرت القناة الـ12 الإسرائيلية أن تعليمات صدرت للممثلين والدبلوماسين بعدم الحضور غدا الجمعة إلى مقار عملهم والبقاء في منازلهم، مشيرة إلى أن الإجراء لا يعد إخلاء للممثليات الإسرائيلية أو بإعادة الدبلوماسيين إلى إسرائيل، إنما يندرج في إطار الخطوات الاحترازية في إطار الاستعدادات.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن إسرائيل تأخذ كل تهديد ضدها على محمل الجد، ولكن لا يوجد تغيير في تعليمات قيادة الجبهة الداخلية.
وأضاف المتحدث أن إسرائيل في حرب متعددة الجبهات في الأشهر الستة الماضية، مؤكدا جهوزية القوات لكافة السيناريوهات، وتعزيز حالة التأهب في الوحدات القتالية وأنظمة الدفاع الجوي، وسلاح الجو.
وقررت تل أبيب تجنيد احتياط في الدفاعات الجوية، ورفع حالة التأهب لدى سلاح الجو، وإلغاء الإجازات والعطل في الوحدات المحاربة في الجيش وتجنيد احتياط في الاستخبارات العسكرية والجبهة الداخلية، وتشويش قوي على نظام تحديد المواقع تحسبا لإطلاق مسيرات أو صواريخ تستخدم النظام، ونقل صواريخ باليستية على طريق إيلات.
من جانبه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الخميس إن إيران تعمل ضد إسرائيل منذ سنوات، ولذلك فإن إسرائيل تعمل ضد إيران دفاعا وهجوما، وأضاف “سنعرف كيف ندافع عن أنفسنا وسنتصرف وفقا للمبدأ البسيط المتمثل في أن من يؤذينا أو يخطط لإيذائنا سنؤذيه”.
فيما قال قائد الحرس الثوري الإيراني “حسين سلامي”: إسرائيل في مرمى إيران على حد وصفه، وأضاف أن أي هجوم ضد بلاده لن يمر دون رد، مؤكدا: “الرسائل التي تصل لإيران من داخل غزة تقول إنه لا مشكلة لديهم في الصمود”، على حد تعبيره.
كما قال عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام بإيران محسن رضائي إنه تم اتخاذ قرار الانتقام من إسرائيل وسينفذ، وأظهر التلفزيون الحكومي الإيراني متظاهرين يحملون صور القتلى، ولافتات تحمل شعارات مثل “الموت لإسرائيل” و”الموت لأمريكا”.
وتوقع محللون عدة سيناريوهات بشأن الرد الإيراني منها أن يأتي في الخارج على إحدى السفارات أو الممثليات الإسرائيلية في الخارج أو حتى أحد الأهداف اليهودية، وفي هذا الإطار رفعت إسرائيل من حالة الاستنفار الأمني في كل هذه المؤسسات في الخارج وكانت في وقت سابق اصدرت عددا من تحذيرات السفر والنصائح للإسرائيليين في الخارج.
والسيناريو الثاني هو أن ترد طهران عبر الوكلاء، ربما يكون هذا هو السيناريو الأسهل بالنسبة لإسرائيل، فهو يعني فعليا المزيد من الوضع القائم فإسرائيل منذ السابع من أكتوبر تتلقى مثل هذه الضربات وترد عليها وهي ضربات تحكمها التفاهمات المكتوبة بالنار منذ بدء الحرب.
بينما السيناريو الثالث هو أن يكون الرد الايراني المباشر إطلاق صواريخ بالستية أو مسيرات أو صواريخ كروز من إيران على إسرائيل، وفقا للتقديرات الإسرائيلية فإن مثل هذا السيناريو بات مرجحا وواردا جدا، والتقدير مبني على أن إيران التي تلقت إهانة كبيرة بهجوم على سفارتها التي تعد أرضا إيرانية ثم أن طهران مجبرة على الرد لوقف سلسلة الهجمات الإسرائيلية على أهدافها واغتيال قيادات لها.