عاد اسم الصادق الغرياني، مفتي ليبيا السابق، مجددًا إلى الظهور بالبلاد عبر فتاويه المثيرة للجدل، التي يستغل فيها الدين لصالح السياسية وخدمة أغراض الإرهاب والإخوان، فخلط الدعوة لتقديم الدعم لغزة بمهاجمة دول مصر والأردن والسعودية والتمرد عليها، دون تقديم الدعم الحقيقي لغزة.
وفي خلال ذلك، استغل الغرياني الأمر لمهاجمة المشير خليفة حفتر في حديثه نفسه عن غزة وفقه الأولويات، فندد بقرار اقتصادي اتخذه مجلس النواب بالتنسيق مع المصرف المركزي لضبط السياسة النقدية، زاعمًا أن الهدف منه تغطية نفقات أولاد المشير، دون اعتبار لما تعانيه البلاد من أزمات اقتصادية ناتجة عن سوء إدارة الحكومات في طرابلس والتي باركها بنفسه.
وخرج مؤخرًا في حلقة بعنوان “الإسلام والحياة” عبر صفحته الرسمية عبر منصة (فيسبوك): قال فيها: إنّ “الكثير من المسلمين تأخذهم العاطفة ويتصرفون التصرف غير الصحيح الذي لا يدل على بصيرة أو فقه في الدين، زي ما تشوف الآن الآلاف ومئات الآلاف يتزاحمون على العُمرة للمرة العاشرة والعشرين، ويخرجون بطوابير زحمة، ويقفون عند (ماكدونالدز) ويأخذون وجبة، ويدفعون الدولارات لـ (ماكدونالدز) الذي يحولها بدوره إلى الصهاينة، وأهل غزة يموتون جوعاً”.
وأضاف الغرياني في حديثه المبطن بالدعوة لإثارة الشغب: “يذهب للعمرة للمرة الخامسة والسادسة، ويصرف 5 آلاف دولار و10 آلاف دولار و20 ألفا، ويرى أنّه في أعلى درجات العبادة مع أنّه في أعلى درجات الغفلة، لو الشخص جلس في بيته في إندونيسيا أو باكستان أو في ليبيا والـ 10 آلاف حولها لأهل غزة نقدًا، ليستعينوا بها، هو أعظم أجرًا مئات المرات من ذلك الذي ذهب إلى العمرة وأعطى هذه الأموال للشركات السياحية، وأعطاها للشركات الصهيونية التي تحول الأموال للصهاينة الذين يقتلون إخواننا في غزة”.
لم تكن تلك المرة الأولى التي يستغل فيها الغرياني حرب غزة لإثارة الجدل، فسبق أن دعا إلى تعطيل أداء شعائر العمرة، وطالب الليبيين بالخروج إلى الميادين للتظاهر ضد قرارات تنظيمية في المصرف المركزي الليبي، بينما لم يدع إلى مثل ذلك نصرةً لأهل غزة، ودعا المواطنين لإحداث فوضى باسم نصرة غزة، كما اتهم ملايين المسلمين الذين وفدوا إلى المملكة لأداء العمرة في شهر رمضان، ووصفهم بدعم الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وفي فتوى سابقة، حذّر الغرياني – الذي عاد إلى ليبيا، وأعلن انحيازه ودعمه لحكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، بعد أعوام من إقامته في تركيا- الليبيين، في بيان نشرته دار الإفتاء، من التعاون بأيّ وجه من الوجوه مع “المعتدين”، في إشارة إلى حكومة باشاغا، معتبرًا أنّ ذلك “سيغضب الله”، مستخدماً جزءًا من الآية (2) من سورة المائدة “ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”.
ووصل الأمر بالغرياني إلى الإشادة بالميليشيات المسلّحة في العاصمة طرابلس، معتبرًا أنّ الحل لأزمة ليبيا يتمثل في حلّ البرلمان والمجلس الأعلى للدولة وإجراء انتخابات برلمانية فقط، وهي الخطّة نفسها التي يتبنّاها ويروّج لها رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة.
ومنذ عودته إلى ليبيا، أصبح الغرياني أحد أبواق حكومة الدبيبة، وتحوّلت فتاواه إلى سلاح في النزاع السياسي الحالي في ليبيا، وقد دعا في أكثر من مرة إلى بقائها في السلطة، كما طالب المؤسسة الوطنية للنفط، ومصرف ليبيا المركزي، بالتعاون مع حكومة الدبيبة فقط، والتخلص ممّا وصفه بـ”الهيمنة الأجنبية والمحلية”.
كما أنه يلعب منذ 2012 دور الذراع الدينية للجماعات المتطرفة في ليبيا، عَبْر إصدار فتاوى تتوافق مع مصالحها وأهدافها وأجندتها، وقد ارتكبت عدّة جرائم عنف استنادًا إلى فتاواه، التي طالب خلالها الجماعات الإرهابية برفع السلاح ومحاربة قوّات الجيش الليبي، حتى أصبح أحد أبرز المساهمين في انتشار الفوضى وتعزيز الانقسام في ليبيا.