لا تزال الأزمة في غزة مستمرة، منذ بدء عملية طوفان الأقصى حتى اتخاذ قرارات منها الحرب على القطاع، للانتقام مما حدث من خسائر ثقيلة لإسرائيل.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطعا يُظهر لحظة إلقاء طائرات إسرائيلية لمنشورات على أهالي غزة تطلب منهم مغادرة منازلهم.
كما طالبت تل أبيب نحو 1.1 مليون فلسطيني بمغادرة شمال غزة والتوجه إلى جنوب القطاع، في أمر يوصف بالمستحيل خلال فترة 24 ساعة.
يأتي ذلك وسط تكهنات بإعلان الجيش الإسرائيلي عن غزو بري لقطاع غزة بهدف القضاء على حماس بحسب ما أعلنت وسائل إعلام عبرية وهو أمر غير مسبوق يؤثر على ما يقرب من نصف سكان القطاع المغلق الذي يبلغ طوله 41 كيلومترًا ويعيش فيه 2.1 مليون شخص.
وقالت الأمم المتحدة، التي أبلغتها إسرائيل بالخطط، إن مثل هذا العدد الكبير من الأشخاص الفارين سيكون كارثيا، خاصة مع استمرار إسرائيل في قصف غزة.
ورفضت حماس، التي شنت هجوما مفاجئا على إسرائيل هذا الأسبوع، الإعلان الإسرائيلي ووصفته بأنه حيلة ودعت الناس إلى البقاء في منازلهم، مما زاد من الارتباك والذعر في أوساط الفلسطينيين
وقال كريس دويل، مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني، وهو منظمة غير ربحية، إنه لم يكن من الممكن لهذا العدد الكبير من المدنيين الخروج بأمان من المنطقة في غضون 24 ساعة.
وأضاف: “قطاع غزة لا يزال يتعرض للقصف، لا توجد كهرباء ولا طرق، لذا فإن الأمر مستحيل”.
ويلجأ موظفو منظمة أوكسفام الدولية إلى أماكن تعرضت بالفعل للغارات الجوية، وقال أميتاب بيهار، المدير التنفيذي لمنظمة أوكسفام الدولية: “يرسل موظفو أوكسفام إلينا رسائل مرعبة؛ فهم يحتمون في منازلهم أو نزحوا مع عائلاتهم الكبيرة، ويحاول البعض العثور على الأمان في المستشفيات التي تضررت بالفعل بسبب الغارات الجوية.
وتابع: “لقد تلقينا رسالة أخيرة تقول لنا: من فضلكم صلوا من أجلنا، واغفروا لنا إذا لم نتمكن من اجتياز هذا الوقت العصيب”.
وقال إن الأمر بمغادرة شمال غزة “غير إنساني ومستحيل” ودعا المجتمع الدولي إلى استخدام نفوذه للتدخل.
وفي السياق ذاته قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم، في إصدار وثيقة أسئلة وأجوبة حول الفسفور الأبيض، إن استخدام إسرائيل للفسفور الأبيض في العمليات العسكرية في غزة ولبنان يعرض المدنيين لخطر الإصابة بجروح خطيرة وطويلة الأمد.
وتحققت هيومن رايتس ووتش من مقاطع فيديو تم التقاطها في غزة في 10 و11 أكتوبر 2023، على التوالي، تظهر انفجارات جوية متعددة للفسفور الأبيض المدفعي فوق ميناء مدينة غزة وموقعين ريفيين على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وأجرت مقابلات مع شخصين وصفا الهجوم على غزة.
الفسفور الأبيض، الذي يمكن استخدامه إما لوضع العلامات، أو الإشارة، أو التعتيم، أو كسلاح لإشعال النيران التي تحرق الأشخاص والأشياء، له تأثير حارق كبير يمكن أن يحرق الناس بشدة ويضرم المباني والحقول وغيرها من الأعيان المدنية في المنطقة المجاورة للنار، حيث إن استخدام الفسفور الأبيض في غزة، وهي إحدى أكثر المناطق اكتظاظاً بالسكان في العالم، يؤدي إلى تفاقم المخاطر التي يتعرض لها المدنيون وينتهك الحظر الذي يفرضه القانون الإنساني الدولي على تعريض المدنيين لمخاطر غير ضرورية.
وقالت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “في أي وقت يستخدم فيه الفسفور الأبيض في مناطق مدنية مزدحمة، فإنه يشكل خطرا كبيرا يتمثل في حروق مؤلمة ومعاناة مدى الحياة.
وتابعت: “الفسفور الأبيض عشوائي بشكل غير قانوني عند انفجاره جواً في مناطق حضرية مأهولة بالسكان، حيث يمكن أن يحرق المنازل ويسبب ضرراً فادحاً للمدنيين”.
وراجعت هيومن رايتس ووتش مقطع الفيديو وتأكدت من أنه تم تصويره في ميناء مدينة غزة، وتوصلت إلى أن الذخائر المستخدمة في الغارة كانت عبارة عن مقذوفات مدفعية فسفور أبيض عيار 155 ملم تنفجر جوا. تُظهر مقاطع فيديو أخرى منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي وتحققت منها هيومن رايتس ووتش الموقع نفسه الدخان الأبيض الكثيف ورائحة الثوم من خصائص الفسفور الأبيض.
كما راجعت المنظمة مقطعي فيديو من 10 أكتوبر من موقعين بالقرب من الحدود الإسرائيلية اللبنانية، ويُظهر كل منها مقذوفات مدفعية من الفسفور الأبيض من عيار 155 ملم تُستخدم، على ما يبدو كستار من الدخان أو وضع علامات أو إشارات.