لإعادتهم إلى السياسة السودانيةبعد رجوع رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل محمد عثمان الميرغني إلى وطنه السودان، عقب 12 عاما قضاها في منفى اختياري في مصر، ظهرت عدة أزمات وخلافات سياسية منها ما يهدد حزبه بالانقسام، لرغبته في عدم التوصل إلى تسوية شاملة تنهي الأزمة السياسية التي تشهدها السودان منذ سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير لصالح الإخوان وإعادتهم إلى الحياة السياسية مجددا.وتأتي عودة محمد عثمان الميرغني في توقيت شديد الحساسية بالسودان، وفي ظل تصاعد غير مسبوق للخلافات بين نجليه محمد الحسن وجعفر الصادق، بصورة تهدّد بتقسيم الحزب والطائفة الختمية وآل الميرغني.ومن المعروف أن محمد عثمان الميرغني، هو أحد أبرز الزعماء السياسيين في السودان، ويعرف باسم الخاتم طبقا للطريقة الختمية، وهو قائد الحزب الاتحادي الديمقراطي، سماه أتباعه أبو الحرية خرج من السودان بعد انقلاب ثورة الإنقاذ الوطني، خرج الميرغني من السودان و استقر في مصر لفترة وكان الميرغني يدير شؤون حزبه من القاهرة، والآن عاد إلى السودان، والتي من المتوقع أن تسهم في ظهور الإخوان مره أخرى، ما سيزعزع الأمن والاستقرار في البلاد.ويقود الميرغني حزبا فاعلا في المشهد السوداني السياسي، ويحظى بتأييد مطلق من طائفة الختمية الذراع الدينية للحزب، وهي الغريم التقليدي لطائفة الأنصار التي كان يتزعمها الراحل الصادق المهدي.ومنذ وصوله السودان، حرص الميرغني على عرقلة الاتفاق الإطاري، إذ أعلن الحزب “الاتحادي الديمقراطي – الأصل” بزعامة محمد عثمان الميرغني، مقاطعته العملية السياسية الجارية حالياً في البلاد، وطالب الجيش “بالوقوف على مسافة واحدة من الجميع”، على حد مزاعمه التي روج لها.ورفض الميرغني، في بيان مصور، بعد عودته لبلاده، الاتفاق المتسرع والتدخل الأجنبي في الأزمة السياسية، وعين جعفر، الذي له علاقات وطيدة في صفوف الحزب نائبا له، زاعما “أن الخطوات المستعجلة في الاتجاهات الخاطئة والاستعجال في إدراج حلول قبل وقتها قد يجلب مفسدة وضررا كبيرا”.وتزامنًا مع وصوله تفجر الصراع بين نجلي الميرغني (الحسن وجعفر) بسبب تباين وجهات نظرهما من الترتيبات السياسية الجارية بالبلاد، إذ أصدر الحسن الذي يشغل منصب رئيس قطاع التنظيم، بيانا برر انسحابه بأنه جاء درءا للفتنة، واحتراما لمقام والده، لرتبة أحد نجليه في إتمام الاتفاق ورفض الثاني ذلك تماشيا مع وجهة نظر والده.وكشفت مصادر أن ذلك التباين بشأن الموقف من التسوية ما هو إلا وجهة لصراع النفوذ والخلافة بين نجلي الميرغني، إذ إن نجل الميرغني الحسن يدعم التسوية لكونه يطرح نفسه مجددا ويحوز على رضا الشباب، ويريد للحزب أن يكون جزءا من الترتيبات القائمة. وتابعت المصادر أن جعفر يمثل هو بدوره الفصيل التقليدي في الحزب، وهو قطاع كبير لا يخفي مخاوفه من أن تكون مدنية الدولة خصما على حساب قواعده ذات السمة الريفية والدينية.وسبق أن كشفت مصادر سودانية وجود خطة بين أنصار الإخوان وأتباع النظام السابق والميرغني، للتنسيق بهدف عودة الجماعة الإرهابية للسيطرة على المشهد السياسي، بعدما رفض المجتمع الدولي والشعبي تواجدهم بالسلطة.وأضافت المصادر أنه تمت مناقشة هذه الخطة في اجتماع سري بين الميرغني مع القيادي الإخواني علي كرتي في اجتماع سري حيث اتفقوا على آليات عودة الجماعة إلى المشهد السياسي، وتم التوافق بشكل مبدئي على دعم فكرة أن الكرتي والشخصيات الإخوانية القديمة يجب أن يغيبوا مؤقتًا عن واجهة المشهد السياسي، وتم تسريب ذلك لوسائل إعلامية سودانية بأن “الكرتي” يصر على مغادرة التنظيم ونقل القيادة إلى جيل جديد.كما اتفق الميرغني على الدفع بأوجه إخوانية للشعب السوداني وتلميعها وتحسين صورتها أمام المواطنين بطرق غير مباشرة حتى لا يكون في الواجهة، إذ تم التواصل مع الداعية الإخواني عبد الحي يوسف، مالك قناة فضائية، وهو من أبرز رجال الدين في دولة الإخوان بحكم قربه من المخلوع، عمر البشير، بهدف وضع خطط إعلامية لاستعادة شعبية تنظيم الإخوان سريعا بالتنسيق مع عناصر وقيادات إخوانية داخل السودان، وفقا للمصادر.وأشارت إلى أن اختيار الإخوان للميرغني يأتي انطلاقا من قاعدته الشعبية لحزبه الديني، فضلا عن استغلاله للبسطاء في المناطق الريفية والمريدين لطريقته، إذ يستغلهم منذ سنوات طويلة لتنفيذ أغراضه وأهدافه السياسية المشبوهة في السودان.جدير بالذكر أنه خلال فترة نفيه، لم يتوقف عمل الميرغني في السودان بعد مكوثه في مصر، فقد كان يدير شؤون حزبه من القاهرة، بالإضافة إلى إقامته شراكة سياسية مع نظام المؤتمر الوطني السابق، وتقاسم معه الحقائب الوزارية إذ تم تعين نجليه الحسن الميرغني وجعفر الميرغني بمنصبي مساعدي الرئيس المعزول عمر البشير.وأشعلت عودة محمد عثمان الميرغني الأزمات بشأن عدم التوصل للاتفاق الإطاري بين العسكر وحزب الحرية والتغيير، إذ يمتلك تاريخا ضخما من الخلافات والصراعات السياسية في بلاده قبل أن يغادرها متوجها إلى القاهرة واستقر فيها طوال تلك الفترة، وفي وقت استمرت الشراكة بين الاتحادي الأصل ونظام البشير، حتى سقوطه، على إثر الانتفاضة الشعبية في 11 إبريل 2019.