بعد مرور ما يقرب من شهرين على تلك الأزمة بين بيروت والرياض، أعلن وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، اليوم الجمعة، أنه قدم استقالته لرئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
وقال قرداحي، في الاستقالة، “أتقدم إليكم بطلب استقالتي من منصبي كوزير للإعلام تقديما للصالح العام وأتمنى منكم قبول الطلب”.
وأدلى بتصريحات، قائلا: إن استقالته قد تساعد على “حلحلة الأزمة” بين لبنان ودول خليجية على رأسها السعودية، مضيفا: “منذ اليوم الأول قلت إنه إذا كانت استقالتي تفيد فأنا جاهز لها”.
وأشار إلى أن بلاده أمام تطورات جديدة بينها زيارة للرئيس الفرنسي إلى السعودية، والتي ربما تساعد في فتح حوار مع المسؤولين بالمملكة، مؤكدا أنه لم يقصد بكلامه عن حرب اليمن الإساءة لأي أحد كان.
وأضاف قرداحي: أن بقاءه في الحكومة أصبح عبثيًا لأنه مطالب بالاستقالة من رئيسها وعدد من الوزراء فيها.
وفي أكتوبر الماضي، أثار جورج قرداحي الجدل بتصريحات حول حرب اليمن، حيث زعم أن “السعودية والإمارات يعتديان على الشعب اليمني”، وأن الحوثيين يمارسون “الدفاع عن النفس”، وهي تصريحات كشفت ميوله تجاه إيران وأنها رد جميل وحسن الطاعة لطهران مقابل تمكينه من الوزراة، بما يضمن سيطرة إيران وأدواتها في لبنان.
وقال أيضا قرداحي في تصريحات مسجلة لبرنامج “برلمان شعب” الذي يبث على قناة “الجزيرة” القطرية، حيث يلقى دعما كبيرا من الدوحة، إن “الحرب اليمنية عبثية يجب أن تتوقف”.
كما ادعى أن “الحوثيين يدافعون عن أنفسهم في وجه اعتداء خارجي”، زاعما: “فيه اعتداء، ليس لأنهم السعودية أو الإمارات ولكن لأن هناك اعتداء منذ 8 سنوات مستمرا، وما لا تستطيع تنفيذه في عامين أو ثلاثة لن تستطيع تنفيذه في 8 سنوات”.
وعقب تلك الموجة من الجدل والغضب، قدم قرداحي اعتذارا على حسابه عبر “تويتر”، قائلا: إن “مقطع الفيديو المتداول كان في مقابلة أجراها مع قناة الجزيرة أونلاين، ببرنامج برلمان الشباب، في 5 أغسطس الماضي، أي قبل شهر من تعيينه وزيرا في الحكومة اللبنانية”.
وأضاف: أنه “لم يقصد بأي شكل من الأشكال، الإساءة إلى السعودية أو الإمارات، مضيفا أنه يكن لقيادتيهما ولشعبيهما كل الحب والوفاء”، مؤكدا أن “الجهات التي تقف وراء هذه الحملة أصبحت معروفة، وهي التي تتهمه منذ تشكيل الحكومة بأنه آت لقمع الإعلام”.
وأوضح أن “ما قاله بأن حرب اليمن أصبحت حربا عبثية يجب أن تتوقف، كان عن قناعة ليس دفاعا عن اليمن ولكن محبة بالسعودية والإمارات”، مشيرا إلى أن “عسى أن يكون كلامي سببا بإيقاف هذه الحرب المؤذية، لليمن، ولكل من السعودية والإمارات”.
فيما خرجت عدة احتجاجات شعبية لبنانية للمطالبة بالإطاحة بقرداحي، فيما وجهت مجموعة من رؤساء وزراء لبنان السابقين، دعوة لوزير الإعلام جورج قرداحي بالاستقالة بعد تصريحاته.
وقال رؤساء الحكومة السابقون فؤاد السنيورة، وسعد الحريري، وتمام سلام، في بيان لهم، إن آراء قرداحي ضربة للعلاقات الأخوية والمصالح العربية المشتركة، التي تربط لبنان بالدول العربية، وتحديداً مع دول مجلس التعاون الخليجي، وفق رويترز.
وفي أعقاب ذلك، أعلنت السعودية، استدعاء سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الجمهورية اللبنانية للتشاور، ومغادرة سفير لبنان لدى المملكة خلال الـ48 ساعة القادمة.
وقالت الخارجية السعودية عبر حسابها الرسمي بموقع “تويتر”، إن وزارة الخارجية تستدعي سفير الجمهورية اللبنانية لدى المملكة وتسلمه مذكرة احتجاج رسمية بعد التصريحات المسيئة الصادرة من وزير الإعلام اللبناني حيال جهود تحالف دعم الشرعية في اليمن”.
وأضافت الخارجية السعودية، في البيان، أنه “تعرب وزارة الخارجية عن أسفها لما تضمنته تلك التصريحات من إساءات تجاه المملكة ودول تحالف دعم الشرعية في اليمن، والتي تعد تحيزا واضحا لميليشيا الحوثي الإرهابية المهددة لأمن واستقرار المنطقة”.
وشددت على أن “تصريحات قرداحي تتنافى مع أبسط الأعراف السياسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين”، مضيفة: “ونظرا لما قد يترتب على تلك التصريحات المسيئة من تبعات على العلاقات بين البلدين، فقد استدعت وزارة الخارجية سعادة سفير الجمهورية اللبنانية لدى المملكة العربية السعودية وتم تسليمه مذكرة احتجاج رسمية بهذا الخصوص”.
وأعلنت دولة الإمارات، سحب دبلوماسييها من لبنان، وذلك تضامنا مع السعودية، في ظل النهج غير المقبول من قبل بعض المسؤولين اللبنانيين تجاه المملكة.
كما قررت الإمارات منع مواطنيها من السفر إلى لبنان، بينما سيستمر العمل في القسم القنصلي ومركز التأشيرات في بعثة الدولة لدى بيروت، خلال الفترة الحالية.