انهيار اقتصادي يتفاقم يومًا بعد يوم، مؤشرات تتهاوى وشركات تعلن إفلاسها هذا هو حال الاقتصاد القطري منذ قرار المقاطعة العربية للنظام القطري بسبب دعمه للإرهاب وتدخله في شؤون دول الجوار، الأزمات الاقتصادية زادت تفاقمًا منذ تفشي وباء كورونا وإصرار النظام القطري على عدم الإغلاق، واستمرار العلاقات مع أكثر الدول تعرضًا لتفشي الوباء وعلى رأسها إيران وتركيا؛ الأمر الذي أجبر السلطات القطرية على اتخاذ عدد من الإجراءات التي جاءت متأخرة حسبما أكد الخبراء، إلا أن تلك الإجراءات أسهمت في زيادة الأزمة الاقتصادية واستفحالها مع ما صاحبها من تداعيات وتسريح عمالة ونقص سيولة بشكل هدد القطاعات الاقتصادية القطرية كافة.
النتائج السلبية دائمًا ما تخيم على نتائج أعمال الشركات المدرجة ببورصة قطر، بعد تراجع أرباحها خلال الأشهر الأولى من 2020، قياسًا بالفترة المماثلة من العام الماضي، ومن إجمالي 47 شركة تتألف منها البورصة المحلية، تراجعت أسهم 27 شركة مدرجة، بينما صعدت أسهم 13 شركة مدرجة أخرى، بينما استقرت أسهم شركة واحدة دون تغيير.
وتراجعت 6 مؤشرات من أصل 7 مؤشرات تتألف منها البورصة، بقيادة مؤشر جميع أسهم الاتصالات الذي تراجع بنسبة بلغت 1.21% إلى 886.24 نقطة، تبعه مؤشر جميع أسهم التأمين بنسبة 0.99% إلى 2616.09 نقطة.
وينتظر أن تسجل غالبية القطاعات تراجعات حادة للنصف الأول من 2020، بقيادة قطاع العقارات الذي يشهد حالة ركود هي الأسوأ في تاريخ الصناعة، نتيجة تراجع الطلب الحاد، وضعف ضخ استثمارات في المنشآت.
وعانت بورصة قطر بشدة خلال العام الجاري، مدفوعة بعدة أسباب أبرزها: المقاطعة العربية وضعف الثقة بالاقتصاد المحلي والشركات المدرجة، وتأثيرات تفشي جائحة كورونا على مكونات السوق المحلية، وتخارج استثمارات بحثًا عن أسواق أكثر ثقة.
وتراجع صافي أرباح الشركات المدرجة في بورصة قطر وعددها 47 شركة، خلال الربع الأول من العام الجاري 2020، متأثرًا بنتائج سلبية للاقتصاد المحلي نتيجة ضعف السيولة، والتبعات من تفشي فيروس كورونا الذي أصاب المستثمرين بالصدمة.
وبلغ صافي أرباح الشركات المدرجة في بورصة قطر، بلغت 8.3 مليار ريال قطري (2.28 مليار دولار أميركي) خلال الربع الأول من العام الجاري 2020، نزولًا بنسبة بلغت 20% مقارنة مع الفترة المقابلة من العام الماضي 2019، والتي سجلت حينها أرباحًا بنحو 10.5 مليار ريال قطري (2.88 مليار دولار أميركي).
النظام القطري وجد نفسه مضطرًا مع الانهيارات المتتالية للحصول على الديون من الداخل، بهدف تغطية المصروفات المتزايدة للنظام سواء في مشروعات الداخل أو بدعم أهدافه المشبوهة في الخارج.
وفقًا لآخر بيان رسمي صادر عن البنك المركزي القطري، فإن الحكومة اقترضت أكثر من 300 مليار ريال قطري، وأشار البيان الصادر من مصرف قطر المركزي، في مارس الماضي، أن إجمالي مطالبات البنوك القطرية على الحكومة في البلاد، بلغ 306.3 مليار دولار قطري حتى نهاية شهر فبراير 2020، وهو ما يعادل 84.2 مليار دولار أميركي.
وسجلت ديون البنوك القطرية على الحكومة ارتفاعًا مقداره 10 مليارات ريال قطري، وهو ما يعادل 2.75 مليار دولار أميركي، مقارنة بما سجلته في ديسمبر 2019.
واقترضت الحكومة القطرية من البنوك مبلغ 146.3 مليار ريال قطري، ما يعادل 40.2 مليار دولار أميركي، إضافةً إلى اقتراض أوراق مالية بالعملة المحلية والأجنبية بإجمالي 160.7 مليار ريال قطري، ما يعادل 44.17 مليار دولار، وفقًا للبيان الرسمي الصادر عن البنك المركزي القطري.
واتجه نظام الحمدين إلى الاقتراض الداخلي المباشر أو عبر أدوات الدين المحلي مثل السندات والأذون من البنوك داخل البلاد، بهدف توفير الأموال اللازمة للمشروعات التي يجريها، سواء داخل البلاد مثل إنشاءات كأس العالم 2022، أو مشاريعه الخارجية مثل التوسع في السيطرة على القطاع المصرفي والفندقي في لندن، ودعم التنظيمات الإرهابية، ويأتي ذلك مع عدم استقرار الأسواق العالمية سواء على مستوى النفط، أو على مستوى البورصات العالمية، والتي تأثرت بصورة واضحة بانتشار فيروس كورونا المستجد.
كما جاء الاتجاه القطري عقب دخول مقاطعة الرباعي العربي عامها الرابع، والتي بدأت في يونيو 2017، وهو ما أثر بصورة واضحة على الاستثمارات الأجنبية، خصوصًا مع استمرار الدوحة في عنادها ودعمها للأنشطة الإرهابية والجماعات المتطرفة داخل الدول العربية.
وبدلًا من أن يتجه نظام الحمدين إلى تسوية أموره مع الدول الأربع والعودة إلى الأشقاء العرب، قرر الاعتماد على إيران وتركيا، وكلتاهما لم تنجح في دعم الدوحة بصورة اقتصادية، خصوصًا مع تأثرهما بأزمات مختلفة على الجانب الاقتصادي وانهيار الوضع لديهما بصورة موازية لما يحدث في الدوحة.
مصادر كشفت أن البنوك القطرية تعاني من شح السيولة بشكل غير مسبوق وصل إلى أن غالبية البنوك القطرية تخلو تمامًا من الدولار الأميركي؛ ما فجَّر أزمة ضخمة في التعاملات البنكية امتدت تداعياتها إلى البورصة، وهدد أكثر من بنك بإعلان إفلاسه في حال استمرار الوضع بهذا الشكل، حيث أوضحت مجالس إدارات البنوك أن سحب الأمير تميم بن حمد المكثف للدولارات من الاحتياطي البنكي لتلبية رغبات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ودعم الاقتصاد التركي المنهار وتوفير نفقات ورواتب المرتزقة في ليبيا سبب رئيسي في أزمة شح الدولار.
وأظهرت أحدث البيانات الرسمية انكماش اقتصاد قطر 0.6% في الربع الأخير من 2019، مقارنة مع نفس الفترة قبل عام، فيما تراجعت أنشطة التعدين والمحاجر بنسبة 3.4% مقارنة مع الفترة نفسها العام الماضي، وتراجع أيضاً الناتج المحلي الإجمالي في قطر بنسبة 1.4% في الربع الرابع من العام الماضي مقارنة مع الربع الثالث من 2019، وهو ما يثبت أن جائحة كورونا ستواصل إلحاق الضرر باقتصاد قطر وأسواقها المالية، وقد تؤدي إلى تسجيل ركود هذا العام.
وتوقع صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد القطري العام الجاري بنسبة 4.3 %، كما توقعت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، أن يدخل الاقتصاد القطري دائرة الانكماش العام الجاري، وأنه سينكمش بنحو 2 % العام الجاري، بعد نمو متواضع بلغ نحو 0.6% في العام الماضي.