ذات صلة

جمع

خلف الأبواب المغلقة.. كيف أعادت الصدمات رسم الشخصية اللبنانية؟

بين انفجار مرفأ بيروت الذي صُنف كواحد من أكبر...

شرعنة المليشيات: دلالات تعيين مناوي نائباً للبرهان ومخاطر “خصخصة” الجيش

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية السودانية...

بين السيادة والواقعية.. لبنان يعيد تعريف معادلة السلاح والدولة

أعاد موقف وزير العدل اللبناني فتح واحدة من أكثر...

شرعنة المليشيات: دلالات تعيين مناوي نائباً للبرهان ومخاطر “خصخصة” الجيش

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية السودانية والدولية، أصدر قائد الجيش السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، سلسلة قرارات قضت بتعيين قادة الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام في مناصب سيادية وعسكرية رفيعة. ولعل أبرز هذه التعيينات تنصيب مني أركو مناوي، رئيس حركة جيش تحرير السودان، في منصب نائب القائد العام للقوات المسلحة أو نائب رئيس مجلس السيادة، بصلاحيات عسكرية موسعة.


وقالت مصادر إن هذه الخطوة لا تمثل مجرد تغيير إداري، بل هي إعلان صريح عن دخول السودان نفقاً جديداً من “شرعنة” المليشيات والحركات المسلحة داخل هيكل الدولة الرسمي، ما يضع علامات استفهام كبرى حول مستقبل وحدة القرار العسكري والسيادة الوطنية.


دلالات التوقيت
وترى المصادر أن استعانة البرهان بمناوي وجبريل إبراهيم وغيرهما في مناصب عسكرية رسمية تمثل “اعترافاً ضمنياً” بعدم قدرة الجيش على حسم المعركة منفرداً، وحاجته الماسة إلى شرعنة وجود “قوات بديلة” تقاتل إلى جانبه.
وأكدت أن البرهان، في ظل العزلة الدولية التي يعاني منها، يسعى عبر هذه التعيينات إلى ضمان غطاء سياسي محلي، وإن كان ثمن ذلك هو تفتيت المهنية العسكرية.
كما يحاول البرهان تصوير هذه الخطوة على أنها “توسيع لقاعدة الحكم”، لكنها في الحقيقة إعادة تدوير لنظام “المحاصصة” الذي كان سبباً أساسياً في انهيار الفترة الانتقالية.


تعيين مني أركو مناوي: نائب للرئيس أم قائد مليشيا رسمي؟


ويُعد تعيين مني أركو مناوي في منصب نائب البرهان التحول الأخطر في هذه السلسلة؛ فمناوي، الذي كان يشغل منصب حاكم إقليم دارفور، ينتقل الآن إلى قلب المؤسسة العسكرية، في سابقة تكرّس تداخل الأدوار بين العمل السياسي والعمل العسكري، وتضفي طابعاً رسمياً على قيادات مليشياوية داخل الجيش النظامي.


ما المخاطر الكارثية لـ“خصخصة” الدولة السودانية؟


إن استراتيجية البرهان القائمة على “الاستقطاب بالمناصب” تحمل في طياتها مخاطر جسيمة قد تؤدي إلى تمزيق ما تبقى من الدولة، وتقويض فرص الحل السلمي، وانهيار الاقتصاد. فاستمرار السياسات الاقتصادية الفاشلة، والإصرار على تمويل المجهود الحربي من جيوب المواطنين، مع الإبقاء على ميزانيات الحركات المسلحة، يؤكد أن هذه الحكومة هي “حكومة غنائم” وليست حكومة لإدارة أزمة وطنية.


دلالات تعيينات البرهان


وتعكس قرارات البرهان حالة من “التخبط الاستراتيجي”، فبدلاً من البحث عن شرعية شعبية أو دستورية، يتجه إلى البحث عن “شرعية البندقية”. كما تمثل هذه الخطوة تحدياً صريحاً للمطالب الدولية بتشكيل حكومة مدنية، إذ يرسّخ البرهان حكم “المجلس العسكري الموسع” بوجوه حركية.


واختتمت المصادر أن تعيين مني أركو مناوي نائباً للبرهان، وبقية قادة الحركات في مناصب سيادية، يمثل المسمار الأخير في نعش “التحول الديمقراطي”، وأن هذه السلطة الجديدة لا تمثل السودانيين، بل تمثل “تحالف الضرورة” بين جنرالات الجيش وقادة المليشيات للحفاظ على كراسي الحكم فوق أنقاض المدن السودانية.