ذات صلة

جمع

بيان دمشق وإعادة تثبيت الموقف “مكافحة داعش بين السيادة والتقاطع الدولي”

جاء البيان الصادر عن دمشق في توقيت بالغ الحساسية،...

ضربات واسعة في العمق السوري.. واشنطن تعيد تفعيل بنك الأهداف

دخلت الساحة السورية مرحلة جديدة من التحركات العسكرية بعد...

ساعة الحسم.. هل تعلن إدارة ترامب تصنيف “الإخوان” منظمة إرهابية الأسبوع المقبل؟

تعود قضية تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية إلى...

لعبة الاستبعاد.. هل يختار العراق حكومة “الاستقرار” أم “المواجهة”؟

بين دعوات إلى تشكيل حكومة “استقرار” قادرة على احتواء...

عسكرة السلطة في السودان.. كيف رسّخ البرهان نفوذ الحركات المسلحة بتعيين “مناوي” نائبًا في الجيش؟

أقدم قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان على تعيين قادة حركات مسلحة في مفاصل الحكم والقيادة العسكرية، في مقدمتهم منى أركو مناوي، رئيس حركة جيش تحرير السودان، الذي جرى تثبيته في موقع متقدم كنائب للبرهان داخل المنظومة العسكرية.

وقالت مصادر: إن هذه الخطوة لم تكن معزولة عن سياق الصراع القائم، بل عكست تحولًا خطيرًا في طبيعة الدولة السودانية، من دولة تسعى لبناء مؤسسة عسكرية وطنية إلى سلطة هجينة تعتمد على تحالفات مليشياوية لتثبيت نفوذها.

تعيينات تكشف منطق المرحلة

وأوضحت المصادر، أن تعيين “مناوي” جاء -وغيره من قادة الحركات المسلحة في الحكومة والجيش- ضمن سياسة اعتمدها البرهان منذ اندلاع الحرب، تقوم على مكافأة السلاح بالسلطة، فبدلًا من تفكيك بنية المليشيات ودمجها وفق معايير مهنية، جرى إدخال قادتها مباشرة إلى قمة الهرم السياسي والعسكري، ما حوّل الدولة إلى ساحة لتقاسم النفوذ بين قوى مسلحة متنافسة، لا تجمعها عقيدة وطنية جامعة.

وترى المصادر، أن تعيين مناوي تحديدًا يحمل دلالات رمزية خطيرة، إذ يمثل انتقال قائد حركة مسلحة ذات سجل دموي في إقليم دارفور إلى موقع قيادي داخل الجيش، دون أي مسار عدالة انتقالية أو محاسبة، ما يقوض الثقة في أي حديث رسمي عن الإصلاح أو إعادة بناء الدولة.

شرعنة المليشيات داخل الجيش

وأكدت المصادر، أن أخطر ما في هذه التعيينات أنها تمنح شرعية رسمية للمليشيات داخل المؤسسة العسكرية، فبدل أن يكون الجيش كيانًا موحدًا يخضع لقيادة مركزية وقانون عسكري واضح، أصبح مظلة تضم فصائل مسلحة تحتفظ بولاءاتها الخاصة، وتسلسلها القيادي المستقل، وأجنداتها السياسية والقبلية. هذا الواقع يفتح الباب أمام تفكك الجيش نفسه، ويحوّل الصراع من مواجهة بين طرفين إلى حرب داخل المؤسسة الواحدة، حيث تتنافس الحركات المسلحة على النفوذ والمواقع والموارد، مستخدمة السلاح كأداة ضغط دائمة.

البرهان وإدارة الصراع بتحالف السلاح

وكشفت المصادر، أن البرهان يعتمد منذ بداية الحرب، على إدارة الصراع عبر التحالف مع قوى مسلحة غير نظامية، بدلًا من بناء توافق سياسي أو مسار وطني شامل، هذا النهج يعكس أزمة عميقة في شرعية السلطة، ويؤكد أن بقاء البرهان بات مرهونًا بتوازنات السلاح، لا برضا الشارع أو دعم المؤسسات.

وأشارت تحليلات سياسية، أن هذه التعيينات تمثل محاولة لتوسيع قاعدة البرهان العسكرية في مواجهة خصومه، لكنها في الوقت نفسه تُدخل لاعبين جددًا إلى دائرة القرار، بما يزيد من تعقيد المشهد ويضعف السيطرة المركزية.

واختتمت المصادر، أن تعيين مناوي وغيره من قادة الحركات المسلحة يؤكد أن سلطة البرهان تسير في اتجاه ترسيخ حكم السلاح بدلًا من تفكيكه، ومع غياب مشروع وطني جامع، واستمرار سياسة المحاصصة العسكرية، تبدو فرص الاستقرار بعيدة، بينما يزداد خطر تفكك الدولة وتعدد مراكز القوة.