ذات صلة

جمع

خيانة الشعار.. كيف أصبح “العرق” تذكرة للموت على يد القوات المسلحة السودانية؟

تحوّل “العرق” في السودان، وفق شهادات حقوقية وميدانية، إلى...

أجراس الخطر.. تنظيم الإخوان خطر عابر للحدود والعائق الأكبر أمام سلام اليمن

في وقت تتزايد فيه الدعوات الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب...

بورصة الأسماء.. كيف تتبخر تفاهمات اختيار رئيس الحكومة العراقية في اللحظات الأخيرة؟

تعود ظاهرة “بورصة الأسماء” إلى الواجهة، حيث تتداول الكتل...

زلزال الهوية.. من يقف وراء منح “الرقم الوطني” في ليبيا للمرتزقة والأجانب؟

أثار الجدل المتصاعد حول منح الرقم الوطني في ليبيا...

خلف ستار الحقوق.. هل تشهد تونس موجة جديدة من تضييق الخناق على الجمعيات؟

عادت قضية الجمعيات في تونس إلى واجهة الجدل السياسي...

خيانة الشعار.. كيف أصبح “العرق” تذكرة للموت على يد القوات المسلحة السودانية؟

تحوّل “العرق” في السودان، وفق شهادات حقوقية وميدانية، إلى عامل فرز قاتل، يُحدّد أحيانًا من ينجو ومن يُقتل، ومع اتساع رقعة الحرب وتآكل مؤسسات الدولة، تتصاعد اتهامات خطيرة للقوات المسلحة السودانية بارتكاب انتهاكات تقوم على أساس الهوية، في خيانة صريحة لشعار الجيش الوطني المفترض أن يحمي جميع المواطنين دون تمييز.

من حماية الوطن إلى فرز الهوية

فالواقع الميداني، كما تنقله تقارير حقوقية وشهادات ناجين، يكشف تحوّلًا مقلقًا في السلوك العسكري، حيث يُشتبه في اعتماد ممارسات تستهدف مدنيين بناءً على ملامحهم العرقية أو مناطقهم الأصلية، خاصة في ولايات تشهد احتقانًا تاريخيًا مثل دارفور والجزيرة وأطراف الخرطوم. هذا التحول لا يعكس فقط انحرافًا في قواعد الاشتباك، بل يطرح أسئلة وجودية حول معنى الوطنية حين يصبح الانتماء العرقي سببًا للعقاب الجماعي.

وقائع ميدانية

ويؤكد نشطاء أن هذه الوقائع ليست حوادث فردية معزولة، بل نمطًا متكررًا في مناطق متعددة، ما يشي بخلل بنيوي في الانضباط العسكري والمساءلة.

عسكرة الكراهية وتاريخ الصراع

ولا يمكن فصل هذا المشهد عن تاريخ طويل من التهميش والصراعات في السودان، حيث استُخدمت الانتماءات العرقية والسياسية مرارًا كأدوات تعبئة وحشد. ومع انفجار الحرب الأخيرة، عادت هذه الأدوات إلى الواجهة، لكن هذه المرة في سياق أكثر دموية، حيث تُغذّي الدعاية الحربية خطابًا يُشيطن مجموعات بعينها ويُجرّدها من إنسانيتها. هذا الخطاب، حين يتسرّب إلى وحدات مسلحة، يُحوّل الجنود إلى منفذين لسياسات غير مكتوبة، ويُنتج عنفًا لا يمكن تبريره عسكريًا أو أخلاقيًا.

خيانة الشعار والانقسام الوطني

وترى مصادر أن أخطر ما في هذه الانتهاكات هو أثرها على النسيج الوطني، فحين يشعر مواطنون بأن الجيش الذي يُفترض أن يحميهم قد يتحول إلى تهديد بسبب عرقهم، تتصدّع فكرة الدولة نفسها. ويُحذّر خبراء من أن هذا المسار يُعمّق الانقسام ويُغذّي دوائر انتقام لا تنتهي، ما يُقوّض أي أفق لسلام مستدام.

وقالت إن خيانة الشعار لا تكمن فقط في القتل، بل في تدمير الثقة بين المؤسسة العسكرية والمجتمع، وهي ثقة يصعب استعادتها.

وتؤكد منظمات حقوقية أن أي إصلاح حقيقي يبدأ بإرادة سياسية واضحة تُخضع الجميع للمساءلة، بغضّ النظر عن الرتب أو الانتماءات.

ما الذي يجب فعله؟

وترى المصادر أن وقف هذا الانزلاق يتطلب حزمة إجراءات عاجلة، أولها وقف فوري لأي ممارسات فرز على أساس الهوية، وثانيها فتح تحقيقات مستقلة وشفافة، وثالثها إعادة ضبط العقيدة العسكرية على أسس وطنية جامعة، مع تدريب صارم على حماية المدنيين. كما يُعد إشراك المجتمع الدولي في الرقابة والدعم الفني عاملًا مهمًا لإعادة بناء الثقة. وفي المدى المتوسط، لا غنى عن مسار سياسي شامل يُعالج جذور التهميش ويُعيد تعريف العلاقة بين الدولة ومواطنيها على قاعدة المواطنة المتساوية.