تغرق تونس حاليًا في أزمة مالية خانقة، تتجلى في تصاعد الديون الخارجية والداخلية وتراجع النمو؛ مما ينذر بانزلاق اقتصادي غير مسبوق.
وقالت مصادر: إن المشهد يتجاوز الأسباب الاقتصادية المعلنة ليواجه حقائق الفساد المتجذّر، وتشير أصابع الاتهام إلى شبكات نفوذ سياسي ومالي مرتبطة بتيار الإخوان المسلمين وحركة النهضة، الذين حكموا البلاد بعد عام 2011.
كيف ساهم الفساد العقاري في تآكل موارد الدولة التونسية؟
وكشفت المصادر، أنه منذ صعود حركة النهضة الإخوانية إلى الحكم، بدأت تظهر ملامح تمددها داخل قطاع العقارات الذي يُعد من أكثر القطاعات ربحًا وأقلها شفافية.
وترى المصادر، أن الفساد العقاري الذي تغلغل في مرحلة ما بعد الثورة كان أحد الأسباب الرئيسية لتضخيم الديون العمومية وتآكل موارد الدولة.
المثلث الأسود
وأكدت المصادر، أن تونس تحولت في عهد حكومات الإخوان إلى ضامن مالي غير مباشر لمشاريع خاصة، فقد تمّ منح امتيازات استثمارية ضخمة لشركات عقارية يملكها أو يشارك فيها رجال أعمال مقربون من الحركة، مع تسهيلات ضريبية وقروض بنكية مضمونة من الخزينة العامة.
وبينما عجزت تلك المشاريع عن تحقيق أي عائد حقيقي، كانت ديونها تتحملها مؤسسات الدولة، لتصبح الأعباء المالية على الخزينة أكبر من عائدات الاستثمارات نفسها، وبذلك، انتقلت البلاد من مرحلة استثمار خاص محفّز إلى مرحلة دعم الفساد المؤسسي عبر ما يشبه المثلث الأسود “نفوذ سياسي، مال فاسد، وبيروقراطية متواطئة”.
ما هو دور الجمعيات الخيرية الإخوانية في تمويل المشاريع المشبوهة؟
وأشارت المصادر، أن العديد من الجمعيات التي تأسست بعد 2011 تحت يافطة العمل الخيري كانت في الواقع أدوات لتدوير الأموال وتمويل الأنشطة الاقتصادية المشبوهة، فقد وُثّقت حالات شراء عقارات فاخرة بأموال تبرعات من الخارج، ثم تسجيلها بأسماء مقربين من قيادات الحركة.
وأضافت، أن هذه الجمعيات استفادت من الإعفاءات الضريبية، ما حرم الدولة من موارد مالية كبيرة، وبعد عام 2021، بدأت السلطات التونسية في تجميد أصول بعض تلك الكيانات، لكن حجم الأموال المنهوبة التي خرجت من السوق المحلية يقدّر بمليارات الدنانير، أي ما يعادل نصف الديون الخارجية تقريبًا.
نتاج الفساد المالي المنظم والمشروع الإخواني
وكشفت المصادر، أنه تحت وطأة النفوذ السياسي، اضطرت بنوك محلية إلى منح قروض عقارية دون ضمانات كافية لشركات مقربة من الإخوان، وعندما تعثرت تلك القروض، تم تحويلها إلى ديون معدومة أُدرجت في دفاتر الخسائر، بينما تولّت الدولة تعويض البنوك عبر برامج دعم حكومي.
وبهذه الطريقة، انتقلت تكلفة الفساد من يد أصحاب المشاريع إلى كاهل المواطن، سواء عبر الضرائب أو ارتفاع الأسعار أو تراجع الخدمات العامة.
كيف تهدد شبكات النفوذ المالي مستقبل الاقتصاد التونسي؟
واختتمت المصادر، أن الإخوان في تونس لم يسقطوا سياسيًا فقط، بل تركوا وراءهم إرثًا من الفساد العقاري والمالي ساهم في تضخيم الديون واستنزاف موارد الدولة، والتحقيق في تلك الملفات ليس مسألة عدالة فحسب، بل ضرورة اقتصادية وسيادية لإنقاذ تونس من فخ الاستدانة الدائمة.

