ذات صلة

جمع

كيف حوّلت ميليشيا الحوثي محافظة الجوف إلى منبع للمخدرات

تحولت محافظة الجوف اليمنية خلال السنوات الأخيرة إلى واحدة...

نزيف مستمر.. عامان من حرب غزة يكشفان أثقل حصيلة قتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي

مع اقتراب الذكرى الثانية لاندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع...

إخوان ألمانيا بين الحظر المؤجل والحلول المنتظرة

تُعدّ جماعة الإخوان الإرهابية في ألمانيا واحدة من أكثر...

سوريا تنتخب برلمانها الجديد.. صناديق الاقتراع تحت الحراسة المشددة

مع بزوغ شمس الأحد، فتحت أبواب مراكز الاقتراع في...

صاروخ حوثي يخترق الأجواء نحو إسرائيل.. وتوتر إقليمي على صفيح ساخن

في ساعة مبكرة من فجر الأحد، دوّت صافرات الإنذار...

كيف حوّلت ميليشيا الحوثي محافظة الجوف إلى منبع للمخدرات

تحولت محافظة الجوف اليمنية خلال السنوات الأخيرة إلى واحدة من أخطر بؤر تجارة وتهريب المخدرات في البلاد، بعد أن كانت منطقة ذات طابع قبلي صارم تحكمها الأعراف والتقاليد.

ومع تصاعد نفوذ ميليشيا الحوثي في شمال اليمن، باتت المحافظة مسرحًا مفتوحًا لشبكات التهريب التي تعمل برعاية مباشرة من قيادات الجماعة، لتصبح المخدرات أداة جديدة في حرب اقتصادية واجتماعية مدمّرة.

تجارة الظل.. مصدر تمويل للقيادات الحوثية

لم تعد تجارة المخدرات في مناطق سيطرة الحوثيين مجرد نشاط جانبي أو سري، بل أصبحت – وفق معطيات ميدانية – أحد أبرز موارد التمويل للجماعة، إذ تدرّ عمليات التهريب التي تمر عبر الجوف نحو صعدة والعبر والمهرة ملايين الريالات أسبوعيًا، وتُستخدم عائداتها في تمويل المجهود الحربي وشراء الولاءات داخل البنية العسكرية والقبلية.

وتؤكد مؤشرات محلية أن قيادات حوثية نافذة تتنافس فيما بينها للسيطرة على خطوط التهريب ومخازن المخدرات، ما أدى إلى بروز شبكات منظمة تتصرف كعصابات مستقلة، وتعمل تحت غطاء من الحماية الأمنية والوساطات داخل الجماعة.

الأطفال والنساء.. أدوات في شبكة الجريمة


أحد أخطر أوجه التحول في الجوف هو تجنيد النساء والأطفال من الأسر الفقيرة في عمليات التهريب، حيث تستغل الميليشيا تدهور الأوضاع المعيشية وانعدام الدخل لتجنيدهم في مهام خطرة مقابل مبالغ زهيدة، في مشهد يعكس مدى انهيار المنظومة الأخلاقية والاجتماعية في ظل سيطرة الجماعة.

وتشير الوقائع إلى أن بعض الأسر باتت تعتمد على تهريب الحشيش والكبتاغون كمصدر دخل، في ظل غياب أي فرص عمل أو دعم إنساني، ما جعل الجريمة تتحول من سلوك فردي إلى ظاهرة مجتمعية تتغلغل ببطء في نسيج المحافظة.

“حبوب الصرفة” تغزو المنازل والأسواق


تنتشر في الجوف بشكل علني حبوب الكبتاغون المعروفة محليًا بـ”حبوب الصرفة”، والتي تُباع في بعض المنازل كما تُباع المواد الغذائية.

ولم تعد هذه المواد تقتصر على فئة معينة، بل امتد استهلاكها إلى فئات الشباب والمراهقين الذين يتم استقطابهم بسهولة بسبب غياب الوعي وانتشار البطالة. ومع تراجع سلطة الدولة، تحولت مناطق كاملة في الجوف إلى مخازن لتكديس هذه المواد قبل توزيعها على المحافظات المجاورة، ضمن شبكة تمتد حتى الحدود الشرقية مع سلطنة عمان.

مجتمع على حافة الانهيار


أدت تجارة المخدرات إلى تصاعد النزاعات القبلية وجرائم القتل في المحافظة، إذ ترتبط كثير من الحوادث الأخيرة بخلافات على صفقات تهريب أو توزيع. ويهدد الانفلات الأمني الخطير بتفكك البنية القبلية والاجتماعية للجوف، التي كانت تاريخيًا حصنًا منيعًا أمام الجريمة المنظمة.

ومع تغاضي الحوثيين عن المروجين الكبار وإطلاق سراحهم بوساطات نافذة، تفاقم الشعور باليأس لدى المواطنين الذين يرون أن المحافظة تُقاد نحو الفوضى الكاملة.

تحوّل الجوف إلى مركز رئيسي لتجارة وتهريب المخدرات ليس مجرد قضية أمنية، بل خطر استراتيجي على المجتمع اليمني بأكمله. فالميليشيا التي استخدمت السلاح للسيطرة، باتت اليوم تستخدم السموم لتدمير ما تبقّى من وعي المجتمع، في معركة خفية لا تقل خطورة عن ميادين الحرب.