الجماعة، التي لطالما برعت في العمل تحت مظلات متعددة، وجدت في العمل الشبابي والطلابي بوابة ذهبية للتغلغل في المجتمعات الأوروبية، بعيدًا عن الرقابة الأمنية المباشرة.
وفي هذا السياق، تؤدي “فيميسو” دورًا محوريًا، بوصفها كيانًا جامعًا لعشرات المنظمات الشبابية ذات الخلفية الإخوانية، تنتشر في أكثر من عشرين دولة أوروبية.
خارطة نفوذ منظمة
تتمركز فيميسو في العاصمة البلجيكية بروكسل، على مقربة من المؤسسات الأوروبية الرسمية، وهي ليست مجرد منظمة مجتمع مدني، بل أداة استراتيجية موجهة، تستخدم في تنفيذ أجندة الإخوان عبر ثلاث مراحل واضحة، التأثير الفكري والثقافي، من خلال تنظيم الفعاليات، وإنتاج المحتوى، وادّعاء تمثيل الشباب المسلم.
والتمكين المؤسسي، بالوصول إلى منصات سياسية وتمثيلية أوروبية، واختراق مبادرات رسمية بدعوى محاربة التمييز أو دعم التنوع.
كذلك التجنيد والاحتواء، حيث يصار إلى جذب الأفراد الأقرب فكريًا، وتوجيههم إلى مسارات تنظيمية مغلقة، تشكل لاحقًا بنية دعم داخلية للجماعة في أوروبا.
وغالبًا ما يتولى أبناء أو أقارب قيادات إخوانية كبرى في أوروبا مواقع قيادية داخل “فيميسو”، بما يضمن الولاء الصارم للأيديولوجيا، وربط المنظمة ببنية الجماعة الأم.
اختراق عبر النوافذ المفتوحة
ويعد انخراط “فيميسو” في المبادرات الأوروبية الرسمية أحد أبرز وجوه الخطر، إذ استطاعت المنظمة، عبر خطاب ناعم ومصطلحات براقة، أن تتسلل إلى برامج ومشاريع أوروبية، كجهة تمثل الشباب المسلم.
من خلال ذلك، حجزت لنفسها موطئ قدم في البيئة السياسية والإعلامية، مستفيدة من مناخ الحرية والانفتاح.
وبينما ينظر إليها في بعض الأوساط كـ”جسر تواصل”، فإنها في الواقع تمارس أجندة موازية تهدف إلى بناء شبكة تأثير طويلة الأمد، تستند إلى هوية إسلامية مؤطرة برؤية إخوانية، تتناقض مع منظومة القيم الأوروبية في قضايا الديمقراطية والتعددية والاندماج.
من التأسيس إلى التمكين
تأسست “فيميسو” في عام 1996، كمظلة شبابية تتبع اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا (FIOE)، وهو الكيان المركزي الجامع لمعظم مكونات الجماعة في القارة.
وأول من ترأس المنظمة كان إبراهيم الزيات، أحد أبرز الشخصيات المرتبطة بهيكل الجماعة في الغرب؛ ما يشير إلى البعد التنظيمي المباشر في إطلاق الكيان، بعيدًا عن أي طابع مستقل أو عفوي.
اليوم، تضم المنظمة 31 فرعًا من 20 دولة، وتشكل حلقة الوصل بين الأجيال الجديدة من النشطاء والقيادات القديمة. وتعمل على إنتاج نخب جديدة، متسلّحة بخطاب مزدوج، إصلاحي من الخارج، أيديولوجي من الداخل.
ويتصاعد الجدل في الأوساط الأوروبية حول الدور الحقيقي الذي تلعبه “فيميسو” والمنظمات المماثلة لها، إذ بات واضحًا أن الجماعة ما تزال تسعى، عبر الأجيال الجديدة، إلى ترسيخ موطئ قدم مستدام داخل المجتمعات الأوروبية، من خلال خطاب يستهدف العاطفة الدينية والهوياتية لفئة عمرية تبحث عن الانتماء والدور.