في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تتفاقم الأزمات الإنسانية بشكل غير مسبوق، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والوقود والمستلزمات الطبية.
وتأتي هذه الأزمات في وقت حساس، خاصة بعد إعلان “مؤسسة غزة الإنسانية” المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل عن تعليق توزيع المساعدات؛ مما أثار جدلاً واسعًا حول مستقبل الإغاثة في القطاع.
أزمة توزيع المساعدات: فوضى ومآسي إنسانية
ومنذ بدء عمليات التوزيع التي تقودها “مؤسسة غزة الإنسانية”، قُتل أكثر من 100 فلسطيني وأصيب المئات أثناء محاولتهم الوصول إلى مراكز المساعدات، والتي غالبًا ما تقع في مناطق يعتبرها الجيش الإسرائيلي “مناطق قتال” .
وفي إحدى الحوادث المأساوية، قُتل 27 شخصًا في رفح عندما فتح الجيش الإسرائيلي النار على مدنيين كانوا ينتظرون الحصول على الطعام، بحجة وجود “مشتبه بهم” بين الحشود .
كما تفتقر المساعدات المقدمة إلى العناصر الأساسية مثل الحليب والخضروات واللحوم، ولا تشمل الوقود أو الإمدادات الطبية الضرورية لتشغيل المستشفيات ومرافق المياه، وهذا النقص الحاد أدى إلى تفاقم الأزمة الصحية، حيث تواجه المستشفيات صعوبات كبيرة في تقديم الرعاية اللازمة للمرضى.
الجدل حول القيادة الجديدة للمؤسسة
وأثار تعيين القس جوني مور، المعروف بمواقفه الداعمة لإسرائيل، رئيسًا تنفيذيًا للمؤسسة، جدلاً واسعًا، فتصريحاته التي أشار فيها إلى إمكانية تحويل غزة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” في حال غياب حركة حماس، زادت من الشكوك حول نوايا المؤسسة وأهدافها الحقيقية .
وسبق أن أعلن دعم اقتراح الرئيس دونالد ترامب بأن تتولى واشنطن السيطرة على القطاع الفلسطيني، ثم نشر مقطعًا مصورًا بعنوان “تعالوا لزيارة غزة الجميلة”، والذي سعى من خلاله إلى تصوير القطاع على أنه كان سيصبح وجهة سياحية لولا وجود مسلحي حماس.
لذا قد يؤدي تعيين مور إلى تأجيج مخاوف الأمم المتحدة، نظرًا لدعمه للاقتراح المثير للجدل الذي طرحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في فبراير/شباط بأن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على قطاع غزة وتطويره اقتصاديا.
خاصة أن هذه الخطوة تأتي في وقت حرج، حيث يعاني سكان القطاع من نقص حاد في المواد الغذائية والطبية نتيجة الحصار المستمر والهجمات العسكرية المتواصلة.
موقف الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية
ومن ناحيتها، رفضت الأمم المتحدة المشاركة في خطة التوزيع التي تقودها “مؤسسة غزة الإنسانية”، معتبرة أنها تفتقر إلى الشفافية وقد تُستخدم لأغراض عسكرية.
كما أعربت منظمات إنسانية أخرى عن قلقها من أن النظام الجديد يفتقر إلى آليات التوزيع العادل، مما يسمح للعصابات بالاستيلاء على المساعدات وإعادة بيعها، ويزيد من معاناة السكان .
مستقبل الإغاثة في غزة
وفي ظل هذه التطورات، يواجه قطاع غزة تحديات كبيرة في مجال الإغاثة، ما يتطلب الوضع الحالي إعادة تقييم شاملة لآليات توزيع المساعدات، مع التركيز على الشفافية والعدالة في التوزيع، وضمان وصول المساعدات إلى المستحقين دون تمييز أو استغلال.
كما يجب تعزيز التعاون مع المنظمات الإنسانية المعترف بها دوليًا، مثل الأونروا والهلال الأحمر، لضمان تقديم المساعدات بشكل فعال وآمن.
ومع استمرار الأزمة الإنسانية في غزة، يبقى الأمل معقودًا على تحرك دولي عاجل لإعادة فتح المعابر وتسهيل دخول المساعدات، وتوفير الحماية للمدنيين، والعمل على إنهاء الحصار الذي يفاقم معاناة السكان يومًا بعد يوم، كما يبقى السؤال مفتوحًا حول مستقبل توزيع المساعدات في قطاع غزة، ومدى تأثير هذه الأحداث على الوضع الإنساني المتدهور في المنطقة.