ذات صلة

جمع

هل يُنهي إعلان ترامب التوصل إلى اتفاق مع الحوثيين التوغّل الإيراني في اليمن؟

في تحول مفاجئ قد يُغيّر قواعد الاشتباك في اليمن والبحر الأحمر، أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن “تفاهم مؤقت” مع جماعة الحوثيين يقضي بوقف الهجمات المتبادلة بين الطرفين، ما اعتبره مراقبون إشارة على بداية تراجع نفوذ إيران الإقليمي، بل وربما بداية انهيار مشروعها القائم على الوكلاء المسلحين.الإعلان الأمريكي جاء بعد أكثر من ألف غارة جوية نفذتها الولايات المتحدة ضد مواقع حوثية منذ مارس/آذار الماضي، ووسط تصاعد التوتر في البحر الأحمر، حيث لا تزال شركات شحن كبرى مثل “هاباج لويد” الألمانية ترفض استخدام المسارات البحرية في المنطقة، في ظل غياب الضمانات الأمنية الكافية.هل الاتفاق استسلام أم مناورة؟ومن ناحيته، وصف الكاتب الصحفي هاني مسهور ما جرى بأنه “استسلام حوثي حقيقي”، مشيراً إلى أن الضربة الإسرائيلية الأخيرة على مطار صنعاء كانت نقطة تحوّل أجبرت الحوثيين على تغيير نهجهم، وقال: “ما نشهده يشبه محاولة لشراء الوقت، على طريقة إيران السابقة في مفاوضاتها النووية”.وأضاف أن الهجوم الحوثي على مطار بن غوريون تجاوز “الخطوط الحمراء”، فكان الرد الدولي حاسماً، ودفع الحوثيين لتقديم ما وصفها بـ”ورقة استسلام أولى” إلى واشنطن، في خطوة تهدف إلى حماية قيادة الجماعة وفي مقدمتها عبد الملك الحوثي.الصفقة السرية… تفاصيل مثيرة عبر مسقطفيما كشفت مصادر عسكرية يمنية أن الاتفاق تم بوساطة عمانية في العاصمة مسقط، ونصّ على عدم استهداف القوات الأميركية مقابل وقف الحوثيين لهجماتهم على السفن الأميركية، دون التطرق إلى السفن الإسرائيلية أو البريطانية، في ما يبدو مراوغة سياسية مقصودة من الجماعة.وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال لقائه رئيس الوزراء الكندي مارك كارني إن “الحوثيين استسلموا، وطلبوا وقف القصف… إنهم لم يعودوا يريدون القتال”، بينما وصفت الخارجية الأميركية الاتفاق بأنه “اختبار لجدية الحوثيين”، وسط صدمة إسرائيلية نقلتها قناة “12” العبرية، حيث أكدت أن تل أبيب لم تُبلّغ مسبقاً بهذه الصفقة، ونقل موقع “أكسيوس” عن مسؤول إسرائيلي أن القرار “فاجأنا”.التناقض في سياسة الحوثيون واللافت في المشهد هو التناقض الحاد بين شعارات الحوثيين وخطابهم السياسي، وبين ممارساتهم الواقعية، إذ علّق خبراء: “من يرفع شعار الموت لأميركا هو نفسه من يفاوضها ويطلب وقف الغارات”، مشيرين إلى أن ما يجري يمثل صفعة للمشروع الإيراني وليس فقط للجماعة.من جانبه، قال محمد عبد السلام، كبير مفاوضي الجماعة، في تصريح لـ”رويترز” إن الاتفاق “لا يشمل إسرائيل إطلاقًا”، مهددًا باستئناف الهجمات إذا تراجعت واشنطن عن التفاهم، ما يعكس هشاشة الاتفاق وارتباطه بمصالح آنية أكثر من كونه تحوّلًا مبدئيًا في سلوك الجماعة.هل بدأت إيران فعلًا تتخلى عن الحوثيين؟أما العلاقة بين طهران والحوثيين، التي كانت تمثل نموذجًا لتحالفات إيران مع الوكلاء الإقليميين، تشهد اليوم فتورًا ملحوظًا، فقد أشارت تقارير متعددة إلى أن طهران، وفي ظل سعيها لتخفيف العزلة الدولية واستئناف المفاوضات النووية، بدأت تقليص دعمها المباشر لبعض ميليشياتها، وعلى رأسها جماعة الحوثي.وصرح الوزير الإيراني حسين أمير عبد طاللهيان حديثًا بأن بلاده “تؤيد الحل السياسي في اليمن”، وهو تصريح فُهم على نطاق واسع بأنه رسالة مزدوجة: تهدئة للمجتمع الدولي من جهة، وتحلل تدريجي من الارتباط العسكري مع الجماعة من جهة أخرى.غضب حوثي مكتوم واستقلالية تكتيكيةوأبدى قادة حوثيون في الآونة الأخيرة تململًا من “تراخي الدعم الإيراني”، وتصاعدت المؤشرات على ميل الجماعة نحو اتباع سياسة “الاستقلال النسبي”، وهو ما تجلى في التفاوض المباشر مع واشنطن دون تنسيق معلن مع طهران.ورغم أن إيران لم تعلن تخليها الكامل عن الحوثيين، إلا أن تغيّبها عن مشهد التفاهم الأخير يعزز الانطباع بأنها باتت أقل استعدادًا للدخول في مواجهات إقليمية مفتوحة دفاعاً عن حلفائها، خاصة في ضوء أولوياتها النووية والاقتصادية.هل انتهى المشروع الإيراني؟لذا فإعلان ترامب الأخير عن وقف الغارات الأميركية استجابة لطلب الحوثيين، تزامناً مع غياب إيراني واضح عن مسار التفاهم، يعزز فرضية أن طهران بدأت تعيد تموضعها في اليمن، وبينما يحذر مراقبون من هشاشة الاتفاق واحتمال انهياره، يرى آخرون أن هذه التطورات قد تكون بداية حقيقية لنهاية “وكالة الحرب الإيرانية” في اليمن، وربما في المنطقة بأكملها.

spot_img