رغم الوعود المتكررة من ميليشيات الحوثي بالتوقف عن انتهاكات حقوق الأطفال في اليمن، إلا أن الواقع يعكس صورة مروعة، حيث وثّقت المنظمات الحقوقية تزايد حالات التجنيد القسري، القتل، الاختطاف، والحرمان من التعليم، مما يجعل الأطفال أبرز ضحايا الصراع الدائر
جرائم مرعبة بالأرقام
من بين جرائم الحوثيين الضخمة، تجنيد الأطفال، حيث وثقت منظمة “ميون” لحقوق الإنسان تجنيد 2,233 طفلًا من قبل الحوثيين بين يوليو 2021 وديسمبر 2022، في حين تُشير تقديرات أخرى إلى أن العدد الفعلي قد يكون أعلى بكثير.
كما أفاد تقرير حقوقي صادر في 2024 بأن أكثر من 3,000 طفل قتلوا أو أصيبوا نتيجة الهجمات الحوثية المباشرة أو الألغام الأرضية التي تزرعها الميليشيات في المناطق المدنية.
وفي 2025، رُصدت مئات الحالات لأطفال أُجبروا على الالتحاق بجبهات القتال بعد اختطافهم من مدارسهم أو إغرائهم بالمال والمساعدات الغذائية.
كما يتم تحويل المدارس في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين إلى مراكز تجنيد ودعاية عسكرية، حيث يخضع الأطفال لدورات فكرية تهدف إلى غسل أدمغتهم بأيديولوجيا الجماعة.
نماذج من الانتهاكات
وفي يناير 2025، أقدم الحوثيون على تفجير مدرسة في تعز لمنع الطلاب من استئناف الدراسة، في تكرار لنهجهم القائم على استهداف المنشآت التعليمية.
وفي مارس 2024، قُتل 17 طفلًا في محافظة الحديدة بعد قصف مدفعي شنته الميليشيات على حي سكني مزدحم.
ورصدت منظمات دولية شهادات مروعة لأطفال أُجبروا على القتال، حيث ذكر أحد الناجين: “كانوا يعطوننا سلاحًا ويقولون لنا: أنتم الآن مجاهدون، إن عدتم إلى أهلكم سنعتبركم خونة”.
وفي فبراير 2025، أشارت تقارير حقوقية إلى تصاعد غير مسبوق في تجنيد الأطفال بمناطق سيطرة الحوثيين، حيث استُخدمت المدارس والدورات الصيفية كمنصات رئيسة لاستقطاب الأطفال وإلحاقهم بجبهات القتال.
لم تقتصر انتهاكات الحوثيين على تجنيد الأطفال فحسب، بل شملت أيضًا القتل والاختطاف. ففي تقرير سابق، وثقت شبكة حقوقية يمنية ارتكاب ميليشيات الحوثي نحو 21 ألف حالة انتهاك تعرضت لها الطفولة في اليمن خلال أربع سنوات، تضمنت القتل والاختطاف والتجنيد القسري.
وعود زائفة
ومع المطالبات الحقوقية المتكررة للتوقف عن تلك الجرائم، خرجت ميليشيات الحوثي أكثر من مرة زاعمة التعهد بحماية الأطفال لكنها لم تفِ بأي وعد على الإطلاق.
وفي أبريل 2022، وقع الحوثيون خطة عمل مع “الأمم المتحدة”، وتعهدوا بموجبها بإنهاء تجنيد الأطفال واستخدامهم كجنود، وقتل الأطفال وتشويههم، والهجمات على المدارس والمستشفيات، ولكن الميليشيات لم تلتزم بها.
وأثارت هذه الانتهاكات المستمرة استنكارًا واسعًا من قبل المنظمات الحقوقية المحلية والدولية. ففي “اليوم العالمي للطفل”، وثقت منظمات حقوقية انتهاكات الحوثيين بحق أطفال اليمن، مشيرة إلى أرقام مهولة تعكس حجم المأساة التي يعيشها الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين.
وتُظهر هذه التقارير بوضوح أن وعود ميليشيات الحوثي بالتوقف عن انتهاكات حقوق الأطفال لم تكن سوى تصريحات جوفاء، حيث تستمر هذه الممارسات بشكل ممنهج، مما يستدعي تدخلًا دوليًا عاجلًا لحماية حقوق الأطفال في اليمن ووضع حد لهذه الانتهاكات.