بعدما نجح الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان في الوصول إلى كرسي الرئاسة بإيران، كان أول تصريحاً له أنه “سيمد يد الصداقة للجميع”، في إشارة واضحة إلى حالة السلام التي يسعى لها الفائز برئاسة إيران بعد حصوله على نحو 17 مليون صوت، وجليلي على أكثر من 13 مليون صوت، وفق نتائج نشرتها وزارة الداخلية.
حيث جرت الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة الإيرانية، أمس الجمعة، لانتخاب الرئيس الإيراني التاسع في إيران من بين المرشحين سعيد جليلي ومسعود بزشكيان، وقال بزشكيان في تصريح للتلفزيون الرسمي: أنه “سنمد يد الصداقة للجميع، نحن جميعنا شعب هذا البلد”.
وأضاف: “علينا الاستعانة بالجميع من أجل تقدّم البلد”، وكان بزشكيان فاز في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية في دورتها الرابعة عشرة أمام سعيد جليلي، حسبما أفادت وسائل الإعلام الرسمية.
تصريحات الرئيس الإيراني تأتى في ظل اشتعال المنطقة بالحروب منذ السابع من أكتوبر الماضى، وما تلاها من تحركات مليشيات تابعة لها في العراق وسوريا ولبنان واليمن مما أدي الي تصاعد خطير في المنطقة.
وتقول سمية عسلة، الباحثة في الشأن الإيراني: إن هذه هي المرة الثانية في تاريخ الانتخابات الرئاسية في إيران التي تجرى فيها جولة إعادة، حيث جرت الأولى عام 2005 عندما أعيدت الانتخابات بين كل من محمود أحمدي نجاد، وعلى أكبر هاشمي رفسنجاني، وربح السباق حينها أحمدي نجاد بحصوله على 61.69% من مجمل الأصوات، فيما حصل رفسنجاني على 35.93%، وذلك بنسبة مشاركة بلغت 59.76%.
وهناك بعض الملاحظات على المشهد الانتخابي في إيران ومنها: استمرار تداني نسبة المشاركة في الانتخابات الإيرانية على الرغم من حرص نظام خامنئي على أن تشهد هذه الانتخابات إقبالاً واسعًا ونزول خامنئى بنفسه للإدلاء بصوته لحث المواطنين على النزول، حيث لوحظ أن النسبة مستمرة في الانخفاض بشكل ملحوظ، من نسبة مشاركة بلغت 73%، خلال الدورة الثانية عشر، إلى ما نسبته 48.8% في الانتخابات الثالثة عشر الماضية لتواصل الانخفاض بمعدل 8% في الانتخابات الحالية لتصل إلى 40%، ورغم سماح مجلس صيانه الدستور بوجود مرشح من الاصلاحيين ضمن سباق الرئاسة الايرانية لإعطاء زخم للانتخابات وحث المواطنين على النزول والإدلاء بصوتهم، رغم أن هناك تاريخ من إقصاء المرشحين الإصلاحيين من قبل مجلس صيانه الدستور.
وأضاف عسلة – في تصريحات خاصة لملفات عربية-، إن اعتماد المرشحين على المناظرات التلفزيونية كدعاية انتخابيه نظرًا لضيق الوقت والظرف الطارق الذي تمر به إيران بعد مقتل إبراهيم رئيسي في محاولة للوصول إلى أكبر قاعده من الناخبين، وحثهم على النزول للإدلاء بأصواتهم ومحاوله لإعطاء الحدث الانتخاب زخم اعلامي حتى وان شهد اقبال ضعيف من الناخبين.
وكما يبدو واضحًا أن مرشح الرئاسة مثقلين بإرث حكومة إبراهيم رئيسي بما تحمله من اخفاقات وسياسات خاطئة أدت إلى تأزم المشهد داخليًا في إيران وعلى مستوى العلاقات الإيرانية الدولية، رغم إن المرشح الإصلاحي بزشكيان الذي قدم وعوداً بـ”وقف المضايقات التي تمارس ضد النساء” في إشارة إلى قانون الحجاب وما نتج عنه من قمع للحريات، فبدا وكأن المرشحين لمنصب الرئيس يدركون بشكل واضح أنهم محكومون بظلال الحكومة السابقة.
وقد بدا واضحًا الانقسام بين صفوف المتشددين، والذي أدى إلى تفتيت الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وقد بدا هذا الانقسام جلياً في إصرار مرشحين اثنين على التنافس وعدم الانسحاب لصالح أحدهما، مما أدى إلى تفتيت الأصوات بينهما على اعتبار أن بور محمدي لا ينتمي للجناح المتشدد من التيار الأصولي، وإنما يتم تصنيفه ضمن المعتدلين من هذا التيار، وهو مرشح لا يمتلك ظهيرّا سياسيًا أو شعبيا، كما هو الحال مع المرشحين الآخرين سعيد جليلي، وباقر قاليباف، وبالتالي أهدر المحافظين فرصة كانت مضمونة مع نسبة الإقبال المتدنية للمشاركة، والتي بلغت 40% فقط، وقد ظهر جاليًا ضعف التيار الإصلاحي على حشد الأصوات للنزول للإدلاء بأصواتهم، وهذا يعود لأمر آخر وهو مدى الغضب الشعبي من السياسات الإيرانية داخليًا وخارجيًا وانهم لا يرون أملًا في وجود أي رئيس قادم سواء كان إصلاحيًا أو محافظً.
رغم حملات الدعم التي حظى بها بزشكيان، من نخبة التيار الإصلاحي، وأولهم الرئيس الأسبق خاتمي، ووزير الخارجية السابق جواد ظريف، حيث دعا خاتمي إلى التصويت لبزشكيان وشارك بالإدلاء بصوته في الانتخابات على الرغم من مقاطعته الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في مارس الماضي احتجاجًا على رفض المرشحين الإصلاحيين.