استعدادًا للانتخابات الرئاسية الضخمة المقبلة، خرج المرشد الإيراني علي خامنئي، في خطاب ألقاه، مؤكدًا معارضته للولايات المتحدة الأمريكية، معتبرًا أن المرشح الأنسب من يدفع في هذا الاتجاه، في خطوة اعتبرها مراقبون بمثابة “فتوى” للشعب الإيراني وتوجيه واضح نحو صناديق الاقتراع.
ويرى مراقبون، أن خامنئي لم يأتِ بجديد كون المعارضة لأمريكا أصبحت ومنذ زمن بعيد من ثوابت السياسة الإيرانية، وهذا مجرد تأكيد وتذكير من خامئني للمرشحين والناخبين حول ملامح المرحلة المقبلة، وأن إيران لن تغير نهجها القائم وستبني عليه مستقبلاً.
وقال خامنئي – خلال خطابه-، دون أن يذكر أسماء محددة: “بعض السياسيين في بلادنا يعتقدون أن عليهم الاعتماد على هذه القوة أو تلك، ولا يمكن المضي قدمًا دون الاعتماد على هذه القوة المشهورة والعظيمة. أو يعتقدون أن كل طرق التقدم تمر عبر أمريكا”.
وأضاف: “الشخص المقرب من أمريكا ويتصور أنه لا يمكن المضي قدمًا خطوة إلا بفضلها، لن يكون زميلاً جيدًا لكم. ولن يستخدم قدرات البلاد، ولن يدير الأمور بشكل جيد”.
وكان الإصلاحيين يؤكدون ضرورة التفاوض ومحاولة إقامة علاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، لا سيما وأن العلاقات السياسية بين إيران والولايات المتحدة انقطعت بعد الهجوم على السفارة الأمريكية في طهران بعد أقل من عام من ثورة 1979، ومنذ ذلك الحين، اتبعت إيران سياسة معاداة أمريكا باعتبارها أحد مبادئها.
وجرت المناظرة الانتخابية الأخيرة، أمس الثلاثاء، لمرشحي الرئاسة مسعود بزشكيان ومصطفي بور محمدي وسعيد جليلي وعلي رضا زاكاني وأمير حسين قاضي زاده هاشمي ومحمد باقر قاليباف، بعنوان “كفاءة الحكومة”.
ويرى المرشح للانتخابات الرئاسية الـ 14 سعيد جليلي، أنّ الاتفاق النووي لم يحل مشاكل الشعب، مؤكداً أنه “تم تشكيل لجنة مكافحة العقوبات وعشرات البنى التحتية للتعامل مع العقوبات، وهذا لا يكفي، ويجب أن نجعل العدو يندم على العقوبات، ولهذا لدينا خطة عملية ومن واجبنا تحييدها والقضاء عليها”.
فيما شدد المرشح الرئاسي محمد باقر قاليباف على ضرورة إحباط العقوبات عبر استئناف المفاوضات، ومن خلال رفع النمو الاقتصادي. وقال قاليباف: إن أولويته في الحكومة الـ 14 للجمهورية في السياسة الخارجية هي الدبلوماسية والسياسات التي أقرتها الدولة، وقال: “لدينا العشرات من القضايا المفتوحة وشبه المفتوحة، أولويتنا هي إغلاق القضايا، بهذه الطريقة، القضية الأهم هي التوافق والوحدة على المستوى الوطني”.
بينما يرى المرشح علي رضا زاكاني، بأنّ الطرف الآخر هو من أحرق الاتفاق النووي، مؤكدًا “لسنا نحن من أحرقناه”، موضحًا أنّ العالم كله بات يدرك قدرات إيران الداخلية والإقليمية، لافتًا إلى الإنجاز الذي حققته طهران بالانضمام إلى منظمة “شانغهاي” ومجموعة “بريكس”، في فترة حكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي.
وأوضح المرشح أمير حسين قاضي زادة هاشمي، أنّ الاتفاق النووي كان مجرد خسارة أضرت بالبلاد، وأن دبلوماسية الوزير الراحل حسين أمير عبد اللهيان كانت من منطلق قوة، وكانت مزيجًا بين تحسين العلاقة مع الشرق والغرب.
كما نحدث المرشح مسعود بزشكيان عن البديل من الاتفاق النووي بالنسبة إلى معارضيه، مؤكدًا أنّ القدرات العسكرية الرادعة التي حققها حرس الثورة الإسلامية “مثار فخر بالنسبة إلينا”، وقال بزشكيان: إنّ السياسة الخارجية هي أفضل طريقة لرفع العقوبات عن إيران، وإنه ينظر إلى دول المنطقة كفرصة، وسيعمل على توظيف السياسة الخارجية لتعزيز الأخوّة مع دول المنطقة.
وركز المرشح الشيخ مصطفى بور محمدي على ضرورة التركيز على السياسة الداخلية أيضًا، واعتبر أن السياسة الخارجية تأتي امتدادًا للسياسة الداخلية، و”إذا كنا قادرين في الداخل، فيمكننا التقدم بأهدافنا في الساحة الدولية”.
وقبل أيام من إجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة في إيران المقررة يوم الجمعة الـ28 من يونيو، بالإضافة إلى قطاعات مختلفة من الشعب، أعلن العديد من المجموعات والشخصيات السياسية والمدنية مقاطعة هذه الانتخابات.
وفي السنوات الأخيرة، تراجعت رغبة المواطنين في إيران بالمشاركة في الانتخابات بشكل ملحوظ، لتحطم الدورة السابقة للانتخابات النيابية الرقم القياسي لمقاطعة الانتخابات، وسجلت أدنى نسبة مشاركة بعد الثورة.
وأظهرت نتائج استطلاع أجرته مجموعة استطلاع الرأي الإيرانية (كُمان)، أن أكثر من 65% من الشعب لن يشارك في هذه الانتخابات، وأعلن نحو 22% فقط من المشاركين في الاستطلاع أنهم سيشاركون ويصوتون في الانتخابات الرئاسية، وقال 12%: إنهم لم يتخذوا قرارًا بعد بهذا الشأن.