ذات صلة

جمع

تحذير صيني صارم.. بكين تتوعد واشنطن بشأن دعمها لتايوان

يشهد الصراع الصيني - التايواني توترات متصاعدة في السنوات...

الصادق الغرياني.. كيف استغل الدين لنشر الإرهاب والخراب وأفكار الإخوان في ليبيا؟

طوع الدين وفضائله الحسنة لخدمة أهداف جماعة الإخوان الإرهابية،...

كيف سيؤثر استهداف الفصائل العراقية لإيلات على معادلة الصراع في الشرق الأوسط؟

هجمات مستمرة من قبل الفصائل العراقية المدعومة من إيران...

“25 يوليو” يوم مضيء في تاريخ تونس.. إعلان الجمهورية وردع الإخوان

يعتبر 25 يوليو يوما مضيئا في تاريخ تونس كونه ارتبط بالعديد من التغييرات السياسية والأمنية بها، كما مثل هذا الموعد منعرجاً حاسماً في تاريخ تونس المعاصر؛ إذ تحتفل فيه بعيد الجمهورية التي تأسست في نفس اليوم عام 1957، لذا فهو مناسبة تعد تاريخا مفصليا في مسار تونس، والتخلص من الحكم الملكي ومن حكم البايات، وأسس جمهوريته الأولى بقيادة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.

واقترن تاريخ الـ25 من يوليو في تونس بجملة من التحولات السياسية والأمنية، كما مثل هذا الموعد منعرجاً حاسماً في تاريخ تونس المعاصر، لذلك لم يكن موعداً عادياً ولن يكون كذلك، فهو اليوم الذي قطعت فيه تونس مع حكم البايات عام 1957، عندما عقد المجلس القومي التأسيسي جلسة خارجة عن المألوف في قاعة العرش في قصر باردو لاختيار نظام حكم الدولة التونسية المستقلة حديثاً في الـ20 من مارس 1956.

ويعتبر هذا التاريخ الذي طالما استثمر بشكل رمزي، ينطوي على دلالات ارتبطت بمشاريع دستورية، شكلت الهاجس الأكبر على مدى أكثر من نصف قرن من الزمن.

ولم يكن الـ25 من يوليو 1957 تاريخاً مسقطاً، بل سبقه عديد القرارات التي مثلت تحولاً في المشهد السياسي آنذاك في تونس. ففي الـ31 من مايو 1956، صدر “أمر علي” يقضي بإلغاء جميع امتيازات أفراد الأسرة الحسينية، وإلغاء الاحتفال بعيد العرش وجميع الإشارات إلى الملكية، كما صدرت في الـ13 من أغسطس 1956 مجلة الأحوال الشخصية، ثم في مارس 1957 منحت التونسيات حق التصويت والترشح للانتخابات، وكانت بالتالي الإطاحة بالحكم الملكي (الأمين باي) نتيجة طبيعية للمسار الذي انتهجته تونس منذ 1955.

واستمر الحكم الحسيني لأكثر من قرنين ونصف قرن، فكانت لحظة الـ25 من يوليو 1957 مفصلية في تاريخ تونس؛ إذ دخلت بعده البلاد مرحلة جديدة بإقامة النظام الجمهوري. واقترن هذا التاريخ بجملة من الأحداث، ففي الـ25 من يوليو 1988 حصر الدستور في صيغته المعدلة عدد الولايات الرئاسية في ثلاث كحد أقصى ملغياً بذلك الرئاسة مدى الحياة، وارتبط عام 2013 بتاريخ اغتيال النائب في المجلس الوطني التأسيسي محمد البراهمي أمام منزله، لتتسارع الأحداث بعد ذلك مباشرة بإعلان تعليق أعمال المجلس التأسيسي، والدعوة إلى “اعتصام الرحيل” في ساحة باردو، للمطالبة بحل المجلس وإسقاط حكومة علي العريض.

وشهد يوم الـ25 من يوليو 2019 وفاة أول رئيس جمهورية منتخب بصفة مباشرة من الشعب بعد 2011، وهو الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، ثم إعلان حال الشغور في الرئاسة، ليتولى رئيس البرلمان وقتها محمد الناصر رئاسة البلاد بصفة مؤقتة، ويخلفه الرئيس قيس سعيد الذي وصل إلى قرطاج في الـ23 من أكتوبر عام 2019 بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية.

وفي الـ25 من يوليو 2021 طالب مئات من المتظاهرين والمتظاهرات في باردو بحل مجلس نواب الشعب بعد تنامي الصراعات السياسية داخله؛ ما تسبب في تعطل أعماله تحت رئاسة رئيس “حركة النهضة” راشد الغنوشي.

وبقي يوم الـ25 من يوليو التاريخ المنعرج في الذاكرة الجماعية للشعب التونسي، وحوله الرئيس قيس سعيد إلى موعد مع التأسيس لمسار جديد اختاره لتونس؛ إذ قرر في الـ25 من يوليو 2021 اتخاذ التدابير الاستثنائية وحل البرلمان وإقالة حكومة المشيشي، كما اختار أن يتزامن إحياء ذكرى عيد الجمهورية عام 2022، ليستفتى التونسيون على الدستور الجديد وسط جدل سياسي بين رافض ومؤيد ومقاطع لهذا الاستفتاء.

وفي هذا اليوم من عام 2021، كان التونسيون على موعد مع إعلان الرئيس قيس سعيد سلسلة إجراءات استثنائية في مسعى لإنقاذ البلاد من تغول جماعة الإخوان الممثلة بحركة النهضة، وفي هذا اليوم أيضا، من عام 2022، كتبت تونس محطة جديدة بمسارها الحديث، ولفظت بـ”نعم” للدستور الجديد، الإخوان، لتضع حدا لعقود من الانهيار والمحاصصات والتجاذبات والإرهاب والاغتيالات.

وعبر مسار الـ25 من يوليو 2021 أنقذ الرئيس قيس سعيد الدولة التونسية بعد أن كانت مهددة بالتفكك، عبر الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها إنقاذاً للدولة من خلال إعادة بناء المنظومة السياسية، كما خلصت تلك القرارات الدولة من ازدواجية السلطة، وصراع النفوذ وتنازع الصلاحيات، واليوم تعيش تونس اليوم وضعاً مختلفاً يتسم بوضوح السلطة التنفيذية وبإرساء السلطة التشريعية.

spot_img