شهدت مناطق في الساحل السوري، ولا سيما في محافظتي اللاذقية وطرطوس، مشاهد احتجاجية نادرة، ترافقت مع انتشار واسع لقوى الأمن الداخلي التي سارعت إلى فرض طوق على مواقع التجمع.
وتزامنت التحركات مع حالة توتر لافتة في مدينة حمص، ما أعاد إلى الواجهة أسئلة حول الاحتقان الشعبي المتصاعد في مناطق لطالما بقيت بعيدة عن موجات الاعتراض الواسعة التي عرفتها مدن سورية أخرى خلال السنوات الماضية.
اللاذقية وطرطوس.. الشارع يكسر الصمت
خرجت مجموعات من المواطنين في عدة ساحات داخل اللاذقية، من بينها دوار الزراعة ودوار الأزهري، في تحركات رفعت شعارات تتعلق باللامركزية والمطالبة بالإفراج عن الموقوفين.
وانتشرت قوى الأمن الداخلي بشكل مكثف في محيط الساحات، مغلقة الشوارع المؤدية إليها، فيما اتخذت إجراءات مشددة هدفت إلى ضبط حركة المحتجين وتقييد تمدد المظاهرات نحو أحياء أخرى.
وتركزت الاحتجاجات في مواقع متعددة امتدت إلى مدينة جبلة القريبة، حيث شهدت مناطق مثل دوار الثورة والعمارة تجمعات مشابهة، اتسمت بالزخم وارتفاع وتيرة الهتافات المطالِبة بتحسين الظروف المعيشية ورفع ما يصفه المحتجون بالظلم الواقع عليهم.
وأسهم الانتشار الأمني في خلق حالة من التوتر، خصوصًا بعد إغلاق بعض الطرق الحيوية، ما دفع السكان إلى الحديث عن يوم غير مسبوق في شوارع الساحل.
حمص.. توتر متصاعد وفضّ للاعتصام
في مدينة حمص، وتحديدًا في حي الزهراء، شهدت الساعات الماضية اعتصامًا تحول سريعًا إلى نقطة احتكاك مع قوى الأمن، التي تدخلت لفض التجمع بعدما رصدت مؤشرات على تصاعد الغضب الشعبي في المنطقة.
وجرى اتخاذ إجراءات احترازية شملت إغلاق بعض الحارات داخل الحي، لا سيما تلك التي تقطنها غالبية علوية، وسط انتشار واضح لعناصر الأمن الداخلي والدوريات المشتركة.
وأدى التدخل الأمني إلى تفريق المحتجين بالقوة، فيما أفادت مصادر محلية بأن أصوات إطلاق نار سُمعت في بعض المواقع، متسببة بمزيد من القلق بين السكان الذين وجدوا أنفسهم أمام مشهد غير مألوف في حي يُوصف عادة بأنه من أكثر الأحياء انضباطًا في المدينة.
خلفيات الدعوات وقراءة في رسائل المحتجين
جاءت التحركات في الساحل وحمص إثر دعوات صدرت عن شخصيات دينية بارزة من أبناء الطائفة العلوية، حملت رسائل شديدة اللهجة بشأن تدهور الأوضاع المعيشية وتفاقم الإحباط الشعبي.
وركزت الخطابات المتداولة على أن التوترات التي تشهدها البلاد لا يمكن التعامل معها بوصفها خلافات طائفية، بل كأزمة وطنية تتعلق بالعدالة والحقوق وواجبات الدولة تجاه المواطنين.
وتضمنت الدعوات رسائل تشدد على ضرورة تجنيب البلاد أي انقسامات داخلية، والتنبيه إلى أن استمرار الظروف الراهنة قد يدفع المزيد من الشرائح الاجتماعية إلى ساحات الاحتجاج.
وتعكس المظاهرات في اللاذقية وطرطوس، إلى جانب الاعتصام المتوتر في حمص، مرحلة حساسة تمر بها البلاد، حيث تتقاطع الضغوط المعيشية مع مطالب سياسية متجددة.
ويشير الانتشار الأمني الكثيف وإغلاق الطرق إلى إدراك السلطات لخطورة اتساع نطاق الاحتجاجات، خاصة في مناطق ذات رمزية اجتماعية وسياسية.

