في دهاليز جهاز الأمن والمخابرات التابع لميليشيا الحوثي، يبرز اسم الحسن علي عامر المراني، المكنى “أبو الحسن”، كأحد أكثر الشخصيات نفوذًا وغموضًا داخل الجماعة.
ويشغل المراني منصب وكيل جهاز الأمن الداخلي برتبة “لواء”، لكنه في الواقع يتجاوز حدود دوره الرسمي ليصبح العقل المدبر لشبكة العلاقات السرية التي تربط الحوثيين بتنظيمات إرهابية في اليمن وخارج، وعلي رأسها تنظيم القاعدة.
ويوصف المراني داخل أوساط الحوثيين بأنه “رجل المهمات القذرة”، إذ يجمع بين العمل الاستخباراتي، وإدارة شبكات التمويل، وتنسيق الاتصالات مع جماعات متطرفة تتشارك مع الحوثي في الأهداف، وإن اختلفت الأيديولوجيات.
من الاقتصاد إلى الإرهاب
لم يبدأ المراني مسيرته في الأجهزة الأمنية، بل كان في البداية مسؤولًا اقتصاديًا حين عين مديرًا للمؤسسة الاقتصادية اليمنية عام 2017.
خلال تلك الفترة، استخدم موقعه لإجبار موظفي الدولة على تمويل مشاريع الجماعة أو الانخراط في أنشطتها العسكرية، لكن مع مرور الوقت، انتقل إلى العمل الأمني ليتولى واحدًا من أخطر الملفات، وهي ملف العلاقات السرية مع التنظيمات المسلحة.
مع عام 2019، أصبح المراني أحد الأعمدة التي أعادت بناء جهاز المخابرات الحوثي بعد تفكيك جهازي الأمن السياسي والقومي، ومن هناك بدأ بتنظيم عمليات تنسيق مع عناصر من تنظيم القاعدة في مناطق البيضاء ومأرب وشبوة.
هندسة شبكة الإرهاب
تقول مصادر أمنية يمنية، إن المراني كان وراء عمليات تبادل وتنسيق بين الحوثيين وتنظيم القاعدة، حيث أشرف على الإفراج عن عدد من عناصر التنظيم بعد “إعادة تأهيلهم” أيديولوجيًا وتجنيدهم لخدمة أهداف الجماعة.
كما نسق المراني، وفق تقارير بحثية، مع قيادات في القاعدة مثل “أبو عمار المنذري”، الذي ساهم في تسهيل انسحاب عناصر التنظيم من بعض المناطق وتسليمها للحوثيين مقابل امتيازات مالية وأمنية.
وتشير تحليلات إلى أن المراني أسس ما يشبه “غرفة عمليات موازية” تضم شخصيات مرتبطة بالتنظيمات المتطرفة لتبادل المعلومات وتنفيذ عمليات ضد الحكومة اليمنية والتحالف العربي.
ذراع إيران في ملف الإرهاب
لا يقتصر نشاط المراني على الداخل اليمني، إذ يُعتقد أنه يعمل تحت إشراف مباشر من الحرس الثوري الإيراني، وتحديدًا من ضباط في فيلق القدس.
وتشير وثائق استخباراتية إلى أنه يشرف على “قطاع الإرهاب والتنسيق مع المجاهدين في حركة الشباب الصومالية”، مما يجعله حلقة وصل إقليمية في شبكة تتجاوز اليمن نحو القرن الإفريقي.
كما لعب دورًا مهمًا في توجيه الدعم المالي واللوجستي لعناصر الحوثي في البحر الأحمر، مستخدمًا طرق التهريب ذاتها التي تستخدمها التنظيمات الإرهابية لتمويل أنشطتها.
تهديد يتجاوز الحدود
خطورة الحسن المراني لا تكمن فقط في موقعه الأمني، بل في قدرته على الدمج بين العمل الاستخباراتي والإرهابي والاقتصادي داخل منظومة واحدة.
شبكة العلاقات التي نسجها تربط بين الحوثيين والقاعدة وبعض فروع الجماعات المتطرفة في إفريقيا، ما يجعل من المراني أحد أبرز مهندسي “التحالفات الرمادية” التي تهدد الأمن الإقليمي والدولي.